بعد وجبة من المطر التي أنعم الله علينا في هذا الفصل، تبشرنا دائرة الأرصاد الجوية عن زيارة متوقعة لكتلة هوائية باردة” جداً “من أصل قطبي لامتداد منخفض جويّ عميق اعتباراً من مساء الخميس مصحوبة بالرياح القوية والمطر الغزير والثلوج في المناطق الجبلية العالية. خبر يستحق التوقف عنده، فالطقس عندنا له تاريخ من كرم، أو انحباس للمطر الذي نرحب به دوماً لحاجتنا الماسة له.


 الاستعداد لمواجهة هذه الموجة من عطايا فصل الشتاء، أصبحت من أهم الضروريات “الاستراتيجية “ للمسؤولين والجهات المعنية بكل ما يتعلق من نتائج ايجابية أو سلبية للمنخفض المتوقع بالاضافة للناس. ويأتي هذا الاهتمام، من تجارب سابقة جاءت بناء على ما لحق بشكل خاص من نتائج سلبية للكثيرين، ومنها مشكلة الكهرباء التي كانت مشكلة في شتاء مضى، بسبب ارتفاع الحمل عليها لبرودة الطقس وكثافة سقوط الثلج في “ الثلجة السابقة “ التي عادة ما يسجلها التاريخ، كزمن له خصوصية، وكما كانت الجدات، يسترجعن التاريخ كحدث، عندما يقلن “ ايام الثلجة” دون ذكر السنة التي حدثت بها..


 أعلنت دائرة الارصاد الجوية، بشكل علميّ، وليس اجتماعيا كما هي مهمتها، عن قسوة المنخفض المتوقع. ولا شك أنها أخافت الكثيرين، وخاصة الناس من الطبقة الفقيرة، والوسطى أيضاً لاسباب منطقية مثل إمكانية عدم توفر المواد التي يحتاجونها للتدفئة، في أيام البرد القارص. وكما نعرف فالكثيرون يلجأون الى الاعتداء على الاحراش لتوفير مؤونة الشتاء من الدفء.. بالاضافة، تاتي هذه الثلجة، متزامنة مع ارتفاع ثمن الخبز المادة الاستراتيجية التي كانت تعتبر” خطاً أحمراً “. ففي أيام البقاء في البيت، ترتفع نسبة استهلاك الخبز والطعام للجميع بشكل ملحوظ، وسنرى اليوم وغداً، على أثر الاعلان عن “البرد والمطر “ مكثفة للناس في أكثر من زيارة للمخابز، لتخزين ما يكفي عائلات متوسط عدد أفرادها 9-10 أفراد، يعتبرون الخبز والشاي، غذاء أساسياً ولا ننسى السكر.


  ولعلي اضيف لحملة الاستعداد للمنخفض الجوي بتوفير” التبغ المعسل وأخواته “ الذي سيرتفع استعماله للقابعين في دورهم وهم يدخنون الارجيلة التي أصبحت هامة مثل الخبز، علّهم يطردون الملل والضجر، ويصمون آذانهم عن صراخ الاولاد الذين تضيق البيوت عليهم وعلى طفولتهم، وربما بفعل تعطيل المدارس بسبب الطقس. ولا بد من ذكر ما سيقدم عليه الاطفال والكبار من الناس البردانين وذوي الشهية المفتوحة أيضاً لمحاربة الازمة. أجزم أن اقبال الأطفال والكبار على استعمال وسائل الإتصال الاجتماعي سترتفع بشكل ملحوظ.


 الاستعداد للأيام الباردة والمطر الغزير يمكن أن يكون ايجابياً وبتعقل للناس، ومناسبة لتقوية العلاقات الأسرية والتواصل الإنساني، ولعل القراءة التي أصبحت شحيحة هذه الأيام بين الكبير والصغير، تستعيد بعض الاهتمام والتقدير للكلمة المكتوبة، التي أخذت بالتراجع لسيطرة التكنولوجيا وأدواتها من الاعلام الجديد، علها تخفف من العزلة للكثيرين، بدل التواصل الاجتماعي.


 أرجو أن تكون أمانة العاصمة قد أخذت الحيطة والحذر لتفقد مناهل الصرف الصحي والحفر والمطبات بالشوارع لتخفيف انحباس وتدفق المياه التي تتحول في الأماكن الواطئة الى سيول تسبب الأضرار المادية والإنسانية، علّها تخفف من بعض الأضرار المتوقعة في مثل هذه الحالات الموسمية والطارئة، مع التمنيات بالسلامة للجميع مع مطر وثلج تغني له فيروز بصوتها الملائكي!.

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment