بعض الأقوال تظل صحيحة للكثيرين، يستأنسون بها، وهم يمارسونها، منها “الكتاب خير جليس”، وأيضاً القول المشهور أن “ المكتوب يبان من عنوانه”. وهذا ما وجدته في كتاب يحمل عنواناً جميلاً “ تطريز على طريق الحرير” للأديب والصحفي رمزي الغزوي.
سرح خيالي الواسع بعيداً، وتخيل لي أنني أرى النساء يطرزن بالإبرة والخيطان الملونة على قماش الحرير الناعم الجميل، لتصبح فستاناً عصريّا أو كما كانت الجدات الكنعانيات يطرزن الاثواب الفلسطينية التقليدية منذ الاف السنين.
العنوان أثر في خيالي منذ القطبة الأولى، ليأخذني بعيداً .. بعيداً.. الى بلاد الصين، أم المليار و400 مليون نسمة، استمتعت بقراءته وشعرت فعلاً أنه خير جليس تقرأه بمدة قصيرة فهو مركز ملوّن، زودني بصور لحياة شعب الصين العملاق بمعلومات لم أكن أعرفها تضاهي في جمالها التطريز الجميل الذي يترك أثراً في النفس.
ومثل هذه الكتب عن ثقافات أخرى تكون زادأ للعقل وتنمية المعلومة والمعرفة المختزنة في ثنايا الذاكرة منذ الطفولة، وكما كانت مادة علمية حفظها الكاتب في طفولته تقول “ أنا المحبوبة السمرا، وأجلى بالفناجين، وعود الهند لي عطر، وذكري شاع في الصين”.
الدرس الاول في مدرسة عربية في الاردن، ظلت تتربص بابداع الغزوي حتى تمكن من وضع كتاب، إبداعي يضيف لأدب الرحلات كتاباً قيّماً، يبدد الملل ويشجع على القراءة وطرد تهمة عدم القراءة.
اليوم في مجتمع التكنولوجيا والموبايل الذي يرش عليك الكلمات والجمل السريعة، التي تلتهمها بسرعة، دون هضم بعضها، لأنك مستعجل ولا وقت للقراءة الجادة.. فالكتاب” الرشيق “ سمين بمحتواه الثقافي والمعرفي.
تقول الارقام أننا لا نقرأ في العالم العربي، فانتاج الكتب في البلدان العربية، مقارنة بعدد السكان، ويشمل الانتاج الادبي تعاني من فقر شديد. فانتاج الكتب في البلدان العربية لا يتجاوز 1،1% من الانتاج العالمي رغم أن العرب يشكلون نحو 5% من سكان العالم. ويعد إنتاج الكتب الأدبية والفنية الصادرة في البلدان العربية ضعيفاً جداً لا يتجاوز 1945 كتاباً لعام 1996، ما يمثل أقل من 1% فقط من الانتاج العالمي.
وهو اقل مما انتجته، دولة مثل تركيا التي لا يتعدى سكانها ربع سكان الدول العربية.
ويعد انتشار الكتاب ووصوله للناس ضعيفاً، اذ يتراوح نشر اي رواية او مجموعة قصص قصيرة ما بين 1000 و 3000 نسخة. ويعتبر الكتاب الذي يوزع منه 5000 نسخة ناجحاً نجاحاً باهراً.
ولعل أبرز التحديات التي تواجه الكتاب والمبدعين في البلدان العربية ومنها الاردن هو قلة عدد القراء، أو انحسار القراء في نخبة معينة.
في الأردن كما في البلدان العربية تقام معارض الكتب التي تحاول تشجيع انتشار الكتاب وقراءته، والكاتب الغزوي، كما أعرف يقرأ ويكتب كثيرا، ويتفاعل مع الثقافة والمثقفين، وأظنه يتمنى أن ترتفع نسبة القراءة ولو بشكل بسيط بجهود كل الجهات المعنية، ومنها معرض الكتاب الأردني، لابرام اتفاقيات بيع الملكية الفكرية لنشر الكتب بين القطاعين العام والخاص كما في معرض بكين الدولي الذي دعي له الكاتب في دورته الرابعة والعشرين 2017.
وهذه الاتفاقيات تهدف لنشر ثقافة الصين في العالم، لعلنا نحل بعض مشاكل انتشار الكتاب وتعريف القارئ بالشعوب الاخرى وثقافاتها كما هذا الكتاب ..