في كتابه (حصاد الزمن الصعب) الذي يضم قضايا اجتماعية وسياسية هامة ما تزال تناقش في مجتمعاتنا على المستوى المحلي والعربي والدولي. يذكر طاهر المصري رئيس الحكومة الأسبق، ورئيس مجلس الأعيان الأسبق في إحدى مقالاته حول(المجتمع المدني) التي تعبر عن رأيه من ضمن مقالات هامة أخرى في الكتاب، يقول: « أصبح الحديث عن المجتمع المدني ومؤسساته أمراً أساسيا في حياة المواطن العربي، لما يمثله هذا الشريك الجديد من دور فاعل في عملية الاصلاح والتنمية».

هذا الموضوع الهام الذي ظهر منذ عقد السبعينيات بقوة ما زال حيّا وله أهميته في زمن من المفروض أن تكون عملية الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني قد آتت أكلها. ولا يرى أبو نشأت صراعاً في هذه الشراكة، بل منافسة بين الطرفين لخدمة الهدف ولعل من الأهمية بمكان أن نتوقف عند هذا الموضوع.

 المنظمات غير الحكومية لها أهميتها لدورها المأمول القيام به في العملية التنموية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

فهذه العملية اليوم لم تعد مقصورة على الانشطة الخيرية كما كانت في السابق، وإنما تطورت لتصبح أنشطة في المجتمع المدني الحديث.

 وقد اتفق الباحثون في مجال المجتمع المدني، على أهمية توفر شروط لكي تتمكن من القيام بعملها لتحقيق الاهداف، منها أن لا تكون المنظمات الأهلية مرتبطة هيكلياً بالحكومة، وأن تدار ذاتياً من داخلها.

هذا الشرط ضروري لكي تتمكن من القيام بعملها باستقلالية أكثر من المؤسسات الحكومية المكبلة بقوانين بعضها تعيق الحركة وسرعة التنفيذ بسبب الروتين والاليات التي تفتقر للديمقراطية عدوة التنمية.

 المجتمع المدني الحديث اليوم توسع بشكل ملحوظ ليضم الأحزاب والنقابات، والجمعيات الخيرية والمنتديات والروابط، والأشطة الفكرية والإبداعية، والمبادرات الذاتية، التي أخذت تظهر بشكل واسع بين الشباب ومنها ما يساهم فعلا في» التنمية»، التي تهدف لدعم المؤسسات الحكومية، وليس منافستها.

 ورغم نجاح الكثير من المؤسسات غير الحكومية، فما زال الكثير منها يواجه مشاكل ناتجة من الظروف السياسية والاقتصادية المحلية غير المريحة، والعولمة وآلياتها التي تفرض سياستها واهدافها على المجتمع المدني المحلي لكي يكون مجتمعا مدنياً عالمياً.

 المجتمع المدني اليوم اصبح أكثر وعيّا وحماساً لأن يكون شريكا مع الدولة، ومع الاسف لم يصل بعد الهدف المنشود لاسباب وتحديات عدة، منها عدم الثقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع المدني. بالإضافة لعوامل اخرى تعود الى المجتمع المدني نفسه من حيث درجة نمو وتطور مؤسساته القادرة على البناء والكفاءة والاستمرارية، ومدى الحيوية في حركته مدنياً وسياسياً وفكريا.

ولعلنا نذكر بعدد الاحزاب السياسية التي تتجاوز الخمسين في الأردن، ومدى نشاط اعضائها. العلاقة بين الأحزاب السياسية والدولة للآن ودورها في التنمية السياسية، ما زالت علاقة جدلية تتغير وتتطور بتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والثقافية، التي مازالت تواجه عدم الثقة بين المنظمات الأهلية والحكومية.

 أعود لمقالة طاهر المصري، حيث يقول عن المجتمع المدني وعلاقته بالدولة في العالم العربي: « يفترض بنا أننا تجاوزنا الكثير من المصاعب باتجاه التأسيس والممارسة التنموية على أساس مهني، وأن نقوم بتحقيق علاقة التعاون والتكامل… على المستويين القطري والعربي. « أقول له مع الأسف، نحن نعيش اليوم واقعاً معقدا فالطريق ما يزال بعيداً لتحقيق الهدف المنشود من اجل واقع أفضل!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment