أسلوب استفزازيّ مغيظ تقوم به إسرائيل اليوم وهي تستعد لإعلان» القدس عاصمة إسرائيل الأبدية «. يتم هذا بتشجيع ومشاركة ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المنحاز لها بصفة شخصية، ورسمية أيضاً وهو ينقل السفارة الامريكية الى القدس. لم تتوقف استفزازات إسرائيل العملية منذ أن قررت أن تحتل فلسطين، بعد صدور وعد بلفور عام 1917 وقبل ذلك، وقد تآمرت مع بريطانيا لاقامة» الوطن القومي لليهود « مفضلة فلسطين على كل الأمكنة التي عرضت عليها في العالم. عملت العصابات الصهيونية تحت الانتداب البريطاني حتى تمكنت واستعدت لطرد العرب من وطنهم المتجذر في التاريخ والارض منذ آلاف السنين زمن أجدادهم الكنعانيين. اقتلعت شعب بكامله من أرضه لتجلب يهود العالم للاستيلاء على بيوتهم وتزور التاريخ والجغرافيا.
الأساليب الاستعمارية التي اتبعتها العصابات الصهيونية، لاخلاء القدس والاستيلاء عليها بدأت 1948 في مثل هذه الأيام قبل سبعين عاما ونيّف. فقد حاولت الهاغنا في البداية الضغط على السكان العرب لاخلاء القدس وطرد العرب كليّاً من المناطق باستعمال الحرب النفسية بأساليبهم الارهابية مثل الملصقات والمكالمات الهاتفية، كما قطعت العصابات الصهيونية أسلاك الهاتف والكهرباء، من أجل خلق جو غير آمن وخطير. بدأت بإخلاء المناطق الاستراتيجية حول القدس وأولها قرية لفتا وروميما والشيخ بدر، كأولوية قصوى كونها تقع عند مدخل الطريق الرئيسي الى تل أبيب. وقامت العصابات الصهيونية الهاغانا والأرغون بسلسلة من الهجمات على لفتا، منها هجوم على مقهى بالرشاشات والقنابل اليدوية في 28 ديسمبر 1947 راح ضحيته سبعة شهداء. وعقب هذه الحادثة أرغم أهل لفتا على ترك بيوتهم والنزوح بعد نسف دار المختار والحاق الضرر بعشرين بيت آخر.
مباشرة بعد ذلك جلبت العصابات الصهيونية 25 عائلة يهودية بالقوة ليسكنوا البيوت العربية، بعد نهب محتوياتها.. وقد وصف بن غوريون القدس ولفتا في جمع للماباي. « من مدخل القدس مروراً بلفتا وروميما.. لا يوجد هناك عرب، مئة في المئة يهود، ومنذ أن دمر الرومان القدس، لم تكن المدينة يهودية مثلما هي الآن.. «. في 14 أيار 1948، أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل التي اعترفت بها أمريكا بعد 11 دقيقة فقط من إعلانها دولة. وفي أواسط يونيو بعد فشل الجيوش العربية في مواجهة القوات الصهيونية المدججة بالسلاح، ها هي اسرائيل تصول وتجول في احتلالها فلسطين وتطبق سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي.
نعم هناك اقبح من ذلك التاريخ الذي فرح به بن غوريون، عندما «هوّد « القدس وأخلى الاحياء العربية من سكانها، واسألوا تواريخ البقعة والقطمون والمدن والقرى، واسألوا أين مئات القرى والبلدات الفلسطينية التي أزيلت من الوجود. الاعمال الاجرامية مستمرة، وهي اليوم تبني الجدران العازلة، وتستمر بتقطيع أوصال القدس ومحيطها.. وهي تنكل بالمناضلين الفلسطينيين الرافضين لهذه الدولة الاستعمارية.
ما تقوم به إسرائيل اليوم بتهويد القدس صراحة بدعم من أمريكا، هو فعل متواصل للأعمال الوحشية ضد الفلسطينيين واستفزازهم، ولعل هذا الصمود للدفاع عن القدس بالارواح المستقبلية، وسقوط الشهداء لدليل على التمسك بحق العودة لجميع الارضي الفلسطينية مهما طال الزمن.