ظاهرة صحية ما يجري في الشارع الأردني اليوم من حراك، لأنه يتأتى عن سلوك جمعي مكوّن من تفاعل نشاطات الأفراد. فالاحتجاجات، من رفض لضريبة الدخل ورفع أسعار الكهرباء وغيرها من قوانين تدل أن” الكيل قد طفح “. توحي هذه التجمعات أنها قد نجحت في ايصال الرسائل للمسؤولين وهم أكثر من طرف الذين يضعون أو يعدلون القوانين أو الاسعار أو المواقف السياسية بشأن القضايا التي تتنازع في قلوب وعقول الناس سواء أكانت بشكل ظاهر أو كامن.
ومثل هذه النشاطات في المجتمعات الديمقراطية تأتي من وجود مصالح مشتركة بين الناس ومن أهداف تبحث عن طرق لتحقيقها، وما يجري في الشارع اليوم لا يختلف عن تلك المجتمعات التي تطالب بحياة أفضل، وأكثر أمناً وبخاصة أن هناك برلمانا من المفروض أن يدافع عن حق المواطن برفض ما يزيد من مشاكله المعيشية اليومية .. .بادرة جيدة هذا الحراك الذي فتح النقاش بأكثر من وسيلة اتصال اليوم في عالم تغيرت فيه أدوات التواصل. ومن يتابع ذلك ليرى دور وسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف ما يجري في الشارع بسرعة فائقة، ولا يمكن انكار المطالب المشروعة للناس ولا أساليبهم بالتعبير.
ومن الأهمية بمكان اليوم أن المجتمع المدني ممثلاً” بمجلس النقابات” يلعب دوراً قيادياً كما يجب، ليس فقط في تحريك الشارع بل أيضاً بالتواصل مع الحكومة وصانعي القرار لمناقشة ما يغضب الناس ويكدر عيشها. “فتغيير الحكومة”، لن يلبي المطالب، إذا لم تتوقف المشاريع “الترقيعية” لحل المشاكل.
ظاهرة واضحة أن المواطن يقدم بحماسة على التظاهر، والتعبير بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي لأنه لم يعد يحتمل هذا الثقل من هموم المعيشة اليومية، وهو يتحسس جيبه ويتساءل عن مدى امكانية توفير حياة كريمة لعائلته .. ما يجري اليوم، سمعه الجميع داخلياً، وخارجياً، وهو فعل جماهيري وشعبيّ تحركه مؤشرات الفقر وسوء الحال .. لقد كانت الحكومة مغامرة وهي تعمل وتقترح وتقوم برفع أسعار الكهرباء والخبز والمواد الغذائية وكل ما يخطر على البال.
استرداد ما نهب من المفسدين ومنها “سرقة الكهرباء” وغيرها من السرقات الكبيرة قد يكون أحد الوسائل المساعدة في نمط التغيير المتبع للاصلاح وإرضاء الشارع . ..