أينما تذهب اليوم في عمان ترى الشباب يبحثون عن بعض، للشكوى أو المشاركة بما يسعدهم، بعيداً عن الهموم اليومية والمستقبلية. ولعل أبرز هذه الأمكنة للقائهم في هذه الفترة بالتحديد المقاهي التي تعج بهم، وبخاصة وحمى المونديال مازالت مرتفعة، وهم ينفخون الأرجيلة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المقاهي والكوفي شوبات منذ مدة ليست قصيرة رغم ضررها ومحاولات مركز الحسين السرطان التحذير من عواقبها الصحية كونها أحد الأسباب لمرض السرطان.
بالإضافة، فالشباب اليافع زبائن المقاهي اليوم يبحث أيضاً كما الملاحظ عما يقلل من الملل والفراغ الذي يشعره الكثيرون من العاطلين عن العمل في وقت ازدادت فيه نسبة البطالة لسبب أو آخر ومنها رائحة الحروب المشتعلة في كل مكان. فالشباب الذين يشكلون نسبة أكثر من 65% من السكان ما زالوا إيجابيين حتى اليوم ولو بنسب متفاوتة بين الشرائح الاجتماعية ولم يخترقهم اليأس بشكل كامل كما يظن البعض.
وفي هذا السياق، فالملاحظ أنه نمت ثقافة جديدة في السنين الأخيرة بين الشباب، هي ثقافة التطوع والمبادرات والتجارب الشخصية التي تعود على المجتمع بالخير، كما على الصحة النفسية القلقة على مستقبلهم المهني والعملي، ولتكون بديلاً مؤقتاً وعلاجاً نفسياً صحياً للتحديات التي تواجههم أثناء البحث عن العمل والمستقبل في بيئة ثقافة متأرجحة متجذرة في المجتمع. إن اهتمام الأهل والمدرسة والجامعة بتنمية ثقافة الاعتماد على النفس في تجربة الوظائف غير النمطية المطلوبة والناجحة ضرورية، من أجل إبقاء شعلة الحماس الشبابي حيّة قبل أن تزول كما زالت عند الكثيرين الذين أدمنوا على الإحباط.
سعدت مؤخراً بلقاء شباب يشتركون في مبادرات إبداعية في مجالات علمية، حتى قبل التخرج من الجامعة، فتحت أمامهم آفاقا جديدة، يعتمدون فيها على قدراتهم الإبداعية المتواضعة في المشاريع الريادية في تكنولوجيا المعلومات التي أصبحت تسحر الشباب الطموح، إذا ما توفرت لهم البيئة المناسبة من أجل تحقيق احلامهم. تمكن البعض التواصل مع مؤسسات جامعية في الخارج تشجع المبادرات الشبابية، وكانت بدايات ناجحة لتقويتها وتعزيزها لمواصلة الطريق.
إن شعلة الطموح والشباب وروح الريادة متوفرة بشكل كبير بين شباب اليوم كما أرى. فكلما تواجدت مع حشد من الشباب، ألاحظ نسبة أقل من «ثقافة العيب» السائدة في المجتمع تكبلهم فهم أكثر انفتاحاً على ثقافات العالم وتجارب الشباب. ولا بد من التوقف بشكل جاد عن لوم الشباب بشكل مستمر لعدم اقدامهم على الأعمال المهنية، فاللوم يقع على الجهات التي لا توفر البيئة المناسبة بشكل مستدام لتنمية هذه الثقافة وليس بشكل متقطع عاطفيّ كما اليوم.