في موسم الحماسة لكل شيء في هذا الصيف من مباريات وتحديات الفرق الرياضية لكرة القدم، مونديال روسيا 2018، والعالم يتسمر امام شاشات التلفزيون، الى النشاطات السياسية المسعورة من أمريكا وإسرائيل، وزيارة كوشنر للمنطقة لوضع اللمسات والخطوط لتنفيذ صفقة العصر، لتصفية القضية الفلسطينية، كما يطمح نتنياهو وترمب وزوج ابنته وذريته لتحقيقه، الى تدافع المطبعين في المنطقة العربية والترامي في حضن ترمب، الى نشاطات غزة في التحديات الابداعية لمواجهة اسرائيل وممارساتها المستمرة لخنق النساء والأطفال، واستشهاد الآلاف، وغير ذلك مما يجري في العالم المجنون:
يرقص الفوج الـ 43 من خريجي جامعة بير زيت الصامدة في الضفة الغربية، في حفل التخرج على نغمات تفرح وتبكي في الوقت نفسه. رقص 2361 خريجا لهذا العام 2018 من الإناث والذكور وغنوا على نغمات التغريبة الفلسطينية الحان ( حمزة نمرة ) « يازريف الطول، وقف لقلك،
رايح على الغربة وبلادك أحسن لك
، خايف يازريف تروك وتتملك…. «
نعم في هذا الجو من القلق النفسي، ولما يجري في المنطقة، وبشكل خاص، من الغموض الذي يلف القضية الفلسطينية من دسائس وخيانات وتطبيع، وممارسات إسرائيلية اجرامية مستمرة، لوّح شباب جامعة بير زيت بالعلم الفلسطيني وتمايلوا بحلم الشباب الدافئ المخضب بالعاطفة الوطنية ونفس حب الشباب وحلمهم بوطن حر. ما كدت أضع المشاركة في توزيع الفيديو الذي يحمل الصورة الوطنية الرائعة التي أبكتني وأنا أتفاعل معها، وأنا أغني معهم بصوت عالٍ، إلا وفيض من ردود الفعل الايجابية تتزايد، تغني مع الابداع الشبابي الجميل.
الموسيقى الشعبية الفلسطينية وصلت الى أغوار النفوس الكامنة وخلقت المشاعر الجماعية، التي بدت وكأنها احتفالات صوفية واسعة تمتزج بها الروح والعاطفة المكرسة لفلسطين. لقد خلق احتفال الشباب الخاص بكل فرد منهم جواً جماعياً جاذباً وحركات فسيولوجية تعبر عن ثقافة وطنية عميقة.
لقد اختاروا أن يظلوا موحدين بعد الخروج من أسوار الدراسة، وأن يبقوا في فلسطين مغروسين، يحاولون ترجمة الكلمات الى عمل، وهم يخاطبون» زريف الطول « بالتوقف.. وينصحونه عدم الذهاب للغربة.. خوفاً من التوطن في الخارج… نعم التملك في الغربة ما تريده إسرائيل وأعوانها.. ولعل هذه الاغنية الرمز ما فتح عيون الغرباء على مدى عمق التراث الشعبي والابداعات الفلسطينية المتوارثة في الثقافة الوطنية.
لم يفقد الفلسطينيون رموز الثقافة الشعبية منذ النكبة، وقد عرف الشباب في العقود الاخيرة مدى تأثيرها على الناس.، فقد سمعها وشاهدها العالم في أروقة الأمم المتحدة من شباب دبكوا في قاعة مجلس الأمن.. وسمعها العالم، والفلسطينيون يؤدونها في شوارع لندن وايرلندا ودول أوروبية ولاتينية وروسية..
مثل هذه النشاطات تأتي اليوم من خريجي جامعة بير زيت، ليقولوا للعالم.. نريد أن نبقى في أرضنا.. نريد الحياة.. نرفض الاحتلال.. ونرفض صفقة العصر…. مبروك للخريجين وتحية لزريف الطول… !