في جلسة خاصة حوارية مع صديق، انتقد مواصلة الفلسطينيين العمل بنمط النضال التقليدي الذي يستعمل في الانتفاضات والثورات، والتجمعات الجماهيرية، منها رفع الشعارات والرموز، ورأى فيها أسلوباً لا يؤيده. 

 وقد ذكرته، بأن التفاعل بين الناس كل الناس أينما كانوا، هو المحرك الأول في التواصل، سواء أكان تقليدياُ أو حداثياً وعلى المستوى الفردي أم الجمعي. فهذا النمط يستعمله الفلسطينيون لايصال الرسائل المتعلقة بقضيتهم التي ما زالت عالقة منذ اكثر من قرن من الزمن، ومن اهدافها التأثير على الرأي العام للتعاطف معهم وفهم مشاعرهم وحقوقهم الإنسانية.

 تأتي “التفاعلات الانسانية” مع الفلسطينيين اليوم عن قرب وبعد وبشكل أوسع من السابق، نتيجة تدفق المعلومات وانتشارها بشكل واسع على وسائل الاتصال الالكترونية الجديدة، فارسال الرسائل بواسطة وسائل الاتصال الاجتماعية، ساهمت بشكل كبير على التفاعل وساهمت ليس فقط على المستوى العربي، بل العالمي الذي تعزز ارتباطه بفضل رموز مشتركة في اللغة والرسوم والشعارات العقلية والعاطفية، المستمرة في التوالد، والتي اصبحت مألوفة للعالم وضرورية لتنوب عن الفلسطيني القريب والبعيد في الشتات والاهتمام بالرموز والشعارات واستعمالها ليس جديداً، بل كان وما يزال علماً له خبراء، يقومون بالابحاث والدراسات ومدى تأثيرها على الناس.

  أحسن مثال في هذه الايام للرموز التي يقوم بها أهل غزة في توجيهها للعالم عملياً عبر الصورة والصوت، في عالم حقيقي وليس افتراضيا، الممثلون هم شعب من لحم ودم صامد ضد الاحتلال وناره يقاومونه بنار الكاوتشوك الأسود الذي يصل دخانه قلب فلسطين المحتلة بدل اللعب به كما كان يفعل الأجداد وهم اطفال يصنعون منها الدحاديل، أو الطيارات الورقية يطيرونها لتصل السماء متحدية الاسلاك الشائكة التي تنصبها إسرائيل على الحدود ولتكون إشارات لطريق العودة لفلسطين.

 الرموز الاعلامية الانسانية والانفعالية لها مدلولات وتأثير كبير في ثقافة النضال الفلسطيني المتجدد، فقد استعمل الفلسطينيون الرموز، في الثورة الفلسطينية العظيمة 1936 – 1939 الحطة والعقال  لتصبح رمز الثورة الفلسطينية اليوم، بعدما لبسها ياسر عرفات منذ الثورة الفلسطينية الحديثة  1964، ولبسها معه من يناصر القضية الفلسطينية من شباب العالم، ورفعوا الشعارات اللغوية التي لها معان عميقة، وإن لم تتحقق.

 كانت الكلمة والصورة التي تحمل الرموز، اسلوباً فعالاً منذ البداية، استعملت في التعريف بالفلسطينيين  مثل “المفتاح “ الذي يرمز لحق العودة، وشجرة الزيتون بأساليب تربط الناس بالأرض والوطن الذي عاش فيه اباؤهم وكتبوا عنه للاجيال.

 إن المناضلين الذين يعملون من أجل العودة وقضية لم تمت حتى اليوم  ووراءها شعب مُصر على استرداد أرضه، هو شعب غير محايد بالطبع، فهو يعمل بالعاطفة النبيلة والصادقة التي تتميز بفداء الروح من أجل الوطن.  فالشعارات والرموز التي نتكلم عنها لا تأتي من فراغ، فهي ثقافة تاريخية لها هدف وأسلوب خاص. وهي خطوط تلخيصية عاجلة في الزمن السريع تسهل الادراك وتساعد على التمسك بتسليط الاضواء على الحقائق  بأساليب متحركة وليست جامدة.

 ولعل ما قاله رموز الثقافة الوطنية من أدباء وشعراء ومفكرون ودارسون وفنانون في ابداعاتهم، ما هو إلا عمليات ترامز تعزز ما يقوم  به المناضلون، وبترديدها تتعزز الرسالة ، ويتعزز العمل للعودة  ولا ضير أن تكون الشعارات، عاطفية، بل، لا بد أن تكون عاطفية لكي تكون إنسانية ….

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment