منذ أكثر من عقدين من الزمن تهيأ لي كغيري ممن يواكبون التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أننا قد تخطينا التخطيط الفردي للمؤسسات الحكومية وتهيأ لي أننا نسير في تخطيط يساهم في تقوية وتعزيز التنمية المتكاملة والمستدامة من سياسية واقتصادية واجتماعية ويتبين اليوم غير ذلك.
ما أظهرته «قضية الدخان « التي تبدو الأهم في الشارع الأردني، تتفاعل مع عمل حكومة الرزاز الجديدة التي كشفت عنها مؤخراً، في عمل يتناغم مع سياستها لتقويم عملية التنمية. المشكلة هذه أزالت اللثام عن عوامل هامة مترابطة كانت تعطل إمكانية السير في التخطيط السليم للوصول الى حياة أفضل. ما علمناه للآن عن التطورات في قضية «الدخان». يوحي بأن المؤسسات المعنية « بالتنمية « كانت تعمل كلٌ بشكل منفرد وليس متكاملا كما المطلوب.
وسأبدأ بقضية تأثير الدخان على» الصحة العامة « التي كانت وما زالت تندد بضرره بجميع أشكاله على المدخنين ومن حولهم ولوزارة الصحة ومركز الحسين للسرطان جهود في محاربة التدخين بجميع أشكاله. في هذا السياق، وضعت بعض القوانين المتعلقة بالتدخين في المقاهي والمطاعم، وأصبح المدخن يطلب إذناً من المضيف أن يدخن في بيته. ولعل هذه البادرة ما جعلتنا نستبشر خيراً، رغم عادة تدخين الأرجيلة الأسوأ أثراً ما زالت مستفحلة بين الكبير والصغير في البيت والمقهى. ومع ذلك لم تأخذ الجهات المعنية معاقبة مخالفي القوانين بجدية وبقي العمل غير جديّ، والتدخين بازدياد وانتاج الدخان أو استيراده نشطاً.
إهمال تطبيق القوانين المتعلقة « بالدخان والتدخين « عمل على تشجيع التدخين، بل تعزيزه ليصبح تجارة رابحة. حوّل كثيراً من « السوبر ماركات « الصغيرة الى مقاهٍ تقدم فيها المشروبات والأطعمة، والتسلية بلعب طاولة الزهر التي تجعلهم يطيلون الجلوس وبخاصة وهم يدخنون الأرجيلة « المعسل « والسجائر المحلية والاجنبية.
من الربح البسيط الى الربح الكبير المعقد من» المفسدين والحرامية « نرى هذه المشكلة تنمو لتصبح مشكلة سياسية و اقتصادية معقدة وكبيرة جداً، تورط فيها فاسدون لانتاج وتهريب مادة الدخان والتهرب من الضريبة بطرق غير قانونية. حسناً فعلت حكومة الرزاز بالكشف عن هذه الجريمة التي تشير إلى أخطار أوسع، وكيف لا وهي مستمرة في كشف مخابئ سرية لشركات، تعمل بنشاط كبير على الفساد وزيادة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتعثرة. حسناً فعلت الحكومة بتحويل القضية ألى محكمة أمن الدولة.
لعل الضرب من حديد وبجدية أكثر من السابق من الحكومات ضد الفاسدين، يكون العقاب الجاد ليكونوا عبرة، وأسلوباً أكثر جدية للنيل من المتورطين الكثر الذين ينعشهم الفساد. نعم لما تقوم به الحكومة من القبض على مسببي «عمي العيون « لتعطيل التنمية المتكاملة والمستدامة التي حسبنا في السابق أنها الدواء للفقر والبطالة والجوع والمرض. نتأكد اليوم أن انتاج السيجارة والأرجيلة التي تسبب مرض السرطان هي أيضاً أهم مؤشرات مرض الفساد ولا بد من علاجه بالدواء الشافي لعل وعسى.!!