أحداث سياسية واجتماعية كثيرة تتجمع هذه الأيام يتلاقفها الناس بأسلوب مباشر وغير مباشر، داخلي وخارجي. بعضها منقوص وغيرها مكثف مليء بالتفاصيل، ومنها التي تبدو جديدة ومتجددة في كثير من الأخبار والتحليلات الاسرائيلية والعربية المتعلقة بفلسطين وبخاصة، بالقدس وغزة..
ولعل المثيرة هذه الأيام التي تعلو على السطح، ما يتبادله الرأي العام حول مصير ما يتعلق بالقدس بعد نقل ترمب سفارته الاستعمارية للقدس، وإعلانها «عاصمة إسرائيل الأبدية « كما تريدها إسرائيل الصهيونية. أصبح هذا الهاجس المستمر لنتنياهو لتثبيته بكل الوسائل السياسية والاعلامية.
منذ النكبة، بل قبلها، وضعت الصهيونية استراتيجية إعلامية في مؤتمر بازل 1897، عرّفت بها جمهورها للتأثير على العالم وحددت لكل جمهور خطة مناسبة. فاستراتجيتها القديمة التي مارستها وخدعت البعض أنها» دولة ديمقراطية « كذبت فيها على يهود العالم بأنها الملجأ الأهم لهم ودعتهم للعودة من» المنفى» لم تنجح للآن في تحقيق أهدافهم المخادعة، لأن الفلسطينيين رغم تخبطهم بالإعلام لفترة طويلة نجحت بإبقاء القدس عربية إسلامية للآن. صمود الفلسطينيين المستمر بالدفاع عن القدس وما فيها من المقدسات الاسلامية والمسيحية، مثال حي لفشل الوسائل الإعلامية الصهيونية في إقناع العالم بأساطيرهم الدينية القديمة أن القدس لهم ولا تكتمل يهوديتهم الا بالرجوع للقدس أو الى» إسرائيل الديمقراطية «.
من يراقب تحدي المصلين» يوم الجمعة « من كل أسبوع ليتأكد أن ( القدس ) لا يمكن المزايدة عليها. تحوّل إسرائيل يوم الجمعة باحات المسجد الاقصى إلى ثكنة عسكرية وتغلق الساحات وتهاجم المصلين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، وتقوم بالضرب واعتقال الشباب والفتيان لهو أكبر دليل. إسرائيل في حالة ضياع، فسياستها الاعلامية التي تبنتها منذ قيامها بتزوير التاريخ، باتت مهترئة فاشلة. فالإعلام الجديد الذي يفضح ممارساتها غير الإنسانية، وموصلة سرقة المزيد من الأرض- 68 دونماً مؤخراً – لاغراض عسكرية، من الاراضي المحيطة بالقدس هو أسلوب استعماري استيطاني توسعي لا ينطلي على أحد. تعتمد إسرائيل على ترمب وكوشنر تعزيز الفكرة الخاطئة أنهم اصحاب القدس التي أعلنوا أنها عاصمتهم الأبدية في محاولاتهم للاستمرار بالكذب على أنفسهم والعالم..
ما يجري من إعلام صهيوني وحراك إسرائيلي مسعور في غزة والقدس هذه الأيام يلخص الأحداث الساخنة، بشكل ظاهر أو مخفي ما يجعلنا نتوقف لنقرأ بتنعن ما يجري : إسرائيل في ضياع كبير رغم ايهام العالم أنها تمكنت من إقناع « بعض الدول « بقناعاتها وأساطيرها الخرافية. فشلت في مواصلة خداع العالم الغربي أو حتى يهود العالم، أنها تدافع عن الديمقراطية والقيم الإنسانية، إسرائيل بإعلامها فشلت من جديد، لأن وسائل الاعلام الجديدة لا تقتصر عليها واصبح الإعلام العربي الحر يتحداها رغم تفاهة البعض.
ما تقوم به إسرائيل في إعلامها هو نوع من « الحرب النفسية « بالاضافة للاشاعات تحاول فيها تفجير المشاعر والفوارق والخلافات على جميع الصعد من القوى الشعبية والرسمية والمبالغة أنها الاقوى، وهي تعرف بالضبط أن الأخبار المؤثرة على الجماهير هي المستمدة من فعل الناس لمواجهة العدو وعدم التنازل حتى النهاية كما في أفعال غزة والقدس الي تبشر بالخير رغم ضخامة التحديات.