لا أجمل من منظر الأطفال وهم يحملون الشنط الملونة على ظهورهم، للالتحاق برياض الأطفال التي تزينها رسومات الفرح والجمال ترحب بهم بلغتهم الطفولية. وفي هذه المرحلة من سن الطفولة المبكرة يشعرون فيه بأجمل المشاعر، وهم يستعدون لدخول المدرسة الابتدائية النظامية. وتأتي أهمية هذه المدرسة التي يتعلم بها الأطفال وهم يلعبون، لأنها تؤهلم أن يصبحوا أكثر انفتاحاً على الحياة الاجتماعية خارج نطاق العائلة. يتفاعل الأطفال مع الآخرين وهم يتحركون ويشاركون في اكتساب رصيد معرفي ومهاراتي وسلوكي، تضاف لما يتعلموه في البيت. ولا بد من الإشارة الى مدى أهمية هذه المرحلة في دول العالم المتقدم الذي يولي مرحلة الطفولة المبكرة الاهتمام حيث توضع الاستراتيجيات والخطط من أجل نماء الطفل، جسمياً وعقلياً وعاطفياً. ولعل هذه الاهداف، ما يجعل لرياض الاطفال أهمية، لتكون امتداداً وشراكة في تربية الأطفال من أجل شخصية متكاملة «إن أمكن» بين المدرسة والبيت والمجتمع.
رياض الأطفال في نظامنا التعليمي الرسمي وإن أصبحت ظاهرة مرحب بها لم تكتمل بعد وهي ليست إلزامية، فهي ما زالت متواضعة وأكثرها في العاصمة ولا تتجاوز60 % وتسعى وزارة التربية والتعليم الى رفعها لتصبح 100 % عام 2025. وتعود النسبة المتدنية الى النقص في إمكانية تقديم الخدمات المناسبة الكاملة في هذه المرحلة التمهيدية. ولعل هذا السبب ما يجعل الاطفال في سن الطفولة المبكرة يلازمون البيت وفي كثير من الحالات تحت رعاية الخادمة الأجنبية، ليتأتروا بها سلبياً في غياب الأم عن المنزل، وبخاصة المرأة العاملة. فالتفاعل مع الأم والأب في هذه المرحلة الهامة من الطفولة، بلا شك جزء من الرعاية التي يحتاجها طفل اليوم في عالم مكتظ بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تشغل الآباء والأمهات وتبعد الكثيرون عنهم.
وفي هذا السياق، وإن يأتي المثل من الغرب الذي يحظى فيه الاطفال برياض الأطفال المثالية في مراحل الطفولة المبكرة والمتأخرة. فقد تظاهر مؤخراً في مدينة هامبورغ في ألمانيا، ضد الآباء والأمهات لأنهم لا يتلقون التفاعل الكامل معهم. حمل الأطفال في مظاهرتهم المميّزة، لافتات تقول « العبا معي وليس بهواتفهم المحمولة «. صوت وصورة الأطفال في الشارع، والأهالي معهم يستمعون، ما يشير الى أهمية التفاعل الإنساني وضرورته في عالم التكنولوجيا التي أصبحت «نعمة ونقمة». فلم يكتف الاطفال بالرعاية الرسمية وما يقدم لهم من رفاهية في هذا المجال مقارنة بأطفالنا فطالبوا بحقوقهم وهم يرفعون الصوت لحاجتهم للمشاعر الحقيقية. نعم أخذ الموبايل وتوابعه اهتمام الناس ببعض، حتى أهملوا أولادهم الذين أصبحوا يحنون للعب مع الأهل واصبحت عاملة المنزل بديلاً إذا كان لها وقت للعب مع الأطفال في البيت بالاضافة» لموبايلها « هي الاخرى.
نتفاءل اليوم من الاهتمام بدور الحضانة من قبل الجهات الرسمية، ولعل ذلك يقود الى تربية صحية سليمة، ترفع صوت الأطفال في مظاهرات تحمل الحب والتقدير وهي تقول، شكراً لكم نحن رجال وبنات المستقبل لن نخيّب الظن فاستمروا بمحبتنا بالعلم والعمل..!