الهمُّ الكبير الذي كان وما زال يقلق إسرائيل، هو تصميم الفلسطينيين على التمسك بالهوية، بالإضافة الى تزايد عددهم أينما وجدوا سواء في فلسطين المحتلة أو الشتات. همُّ إسرائيل هو، كيفية إزالة كل المعالم المادية وغير المادية التي تحمل الهوية. يبدو هذا واضحاً في الإستراتيجيات التي وضعتها منذ النكبة بل قبلها، لتشتيت وتجهيل الفلسطينيين، من حروب فاشلة لقتلهم وتقليل عددهم،بالإضافة، لممارسة شتى أنواع الأساليب غير القانونية لقبول الشروط التي تريدها لإلغاء كل ما اتخذ من قوانين دولية تحمي الحقوق الشرعية ومنها الهوية.ولعل ما قامت به مؤخراً من اصدار «قانون القومية اليهودي « لهو دليل واضح. قامت بخداعها الطويل لأكثر من ربع قرن في المفاوضات العبثية لسلام لا تعنيه وعلى طريقتها الاستعمارية و ما تزال شهيتها مفتوحة لكي تكمل الجريمة الكبرى من أجل طمس فلسطين مكاناً وعنواناً يحمل الهوية التاريخية منذ آلاف السنين.


 تقوم أمريكا الحليف الأول الذي وصفه السياسيون، بأن إسرائيل تعتبر الولاية الواحدة والخمسين لأمريكا بدعم إسرائيل، ماديا ولوجستياً وسياسياً منذ إنشائها 1948 في تحقيق الأهداف. جاء ترمب ليعزز» الحب الكبير « المتنامي بأساليب جديدة لا تخفى على أحد لإزاحة فلسطين ليس فقط عن الأرض، بل أيضاً، من الذاكرة. وبأسلوب وقح يحمل في طياته جذور العنصرية والتعصب لليهودية وخرافاتها التي ما تزال قويّة في التراث اليهودي المُصر على هدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم. ولعل ما يجري من ممارسات وإعلان القدس عاصمة وتهويد فلسطين ببناء المستوطنات لكي تتم سرقة كل الأراضي وحتى تلك التي فيها تجمعات سكنية مثل الخان الأحمر المشتعل حالياً بصموده القويّ.


 إسرائيل المتدينة ونتنياهو اليميني المتطرف على عجل كما يبدو لمحو كلمة فلسطين من الجغرافيا والتاريخ، فهم برون أن الوقت قد حان للتخلص من الفلسطيني وهويته ولغته وحدوده ووجوده، قبل «نهاية العالم «. فقد ولد في اسرائيل « عجل أحمر» قبل أيام، استبشر( معهد الهيكل اليهودي ) بهذه النبوءة، التي تشير الى قرب إعادة بناء الهيكل المزعوم محل المسجد الأقصى، وتقول الخرافة انه بحرق البقرة الحمراء، يؤخذ رمادها ليتطهر به اليهود قبل دخول الهيكل. بهذا يهدفون لإزالة معالم مقدسة إسلامية تحمل الهوية العربية.


الفلسطينيون من ناحية أخرى سواء أكانوا يعيشون في البيوت أو المخيمات صابرون وصامدون يحملون مفاتيح بيوتهم ويورثونها للأحفاد قد حافظوا على حق العودة للوطن المسروق. إسرائيل تكره أطفال وأحفاد الفلسطينيين الذين يحملون الهوية الفلسطينية ويفاخرون بها، وهذا أكثر ما يغيظها ويخيفها. ولأن ترمب يتعاطف ويتفهم الخرافات اليهودية وينتظر معهم العجل الأحمر، فهو في عجلة أيضاً لقتل المزيد من الأطفال الفلسطينيين الرضع، ولا غرابة أنه بسياسته العنصرية قد قطع عنهم الحليب الذي توزعه ( الأونروا )
(منطمة الأمم المتحدة لتعليم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) منذ النكبة، كما يقطع الخبز والتعليم والعمل. قام ترمب دون رحمة ولا خجل بقطع مساهمتها في تمويل المؤسسة التي تعنى باللاجئين الفلسطينيين علهم يذعنون بالتنازل عن وطن. و ترمب بجريمته هذه، كشف عن عدم إنسانيته، وعدم اعتبار القضية الفلسطينية من الأهمية بمكان سياسياً وإنسانياً.


 ترمب كما يعرف العالم، تاجر جشع لا يهمه شيء إلا جمع المال، ليس من أجل بناء وطن، بل ليضيف لملياراته التي يعتقد أنه يمكن بها شراء الفلسطينيين أو الشرفاء.لا شك أنه رغم ضياعه النفسي، والتحيز الأعمى لإسرائيل التي تمارس أعتى أنواع الاستعمار، لن يتمكن من تحقيق آمال الدولة المحتلة، بمسح الهوية الفلسطينية التي تزداد اشتعالاً، بنضالهم الإبداعي رغم الظروف المحيطة بهم. وليت ترمب ونتنياهو ومن لف لفهم ممن يؤمنون بحب المال أكثر من حب الأرض والوطن يتوقفون عن عمليات الشراء والبيع بالرخيص، فالفلسطيني أثبت للعالم أن الوطن أغلى ولعل صموده الأسطوري مَثلٌ لن يضعف مهما طال الزمن !!!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment