تزايد في العقود الاخيرة الوعي بدور المرأة في إنتاج الاغذية وتوفيرها كجزء هام من المشاركة في توفير الامن الغذائي في البيت بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وهناك مفهوم خاطئ كان وما يزال يهيمن على السياسات والبرامج الانمائية التي من الواجب ان تستهدف المرأة في المقام الأول وعدم إهمالها كما هو الحال في معظم الأحيان.


ويأتي الإهمال والتهميش، بسبب الاعتقاد بأن رب العائلة في الأسرة هو الرجل الذي يقوم بجميع أنواع العمل والدخل ويتخذ جميع القرارات الرئيسية المتعلقة بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية. وهناك حالات كثيرة ينطبق عليها ذلك بالرغم من أن الرجل والمرأة في كثير من الاحوال كلاهما يقومان بأدوار ومسؤوليات مستقلة، ولكنها في نفس الوقت مكاملة في مجال انتاج الاغذية وتصنيعها وتخزينها وتسويقها وشراء الاغذية الاخرى وغيرها من السلع الاساسية اللازمة للأسرة.


ولعل العمل الذي تقوم به كثير من النساء في ظاهرة « البسطات « المنتشرة في عمان، ما هي الا عمل غير رسميّ، لتعزيز الأمن الغذائي والاقتصادي للعائلة. ما تقوم به بعض النساء له أهمية كبيرة ، لأنه ضرورة لتسويق مواد غذائية ، و هي الخطوة الاخيرة بعد طول عناء للبعض في زراعة الأرض وقطف الثمار. و نلاحظ تزايد أعداد النساء بائعات البسطات في المواسم المختلفة، وبخاصة في فصل الربيع حيث يقمن بقطف الحشائش البرية مثل الزعتر البري أو الخبيزة، والميرمية، وغيرها بالإضافة لتوفير السلق والسبانخ والملوخية ووضعها جاهزة للطبخ في أكياس بلاستيكية، لتسهل العملية على كثير من النساء وتوفير بعض الوقت للأعمال المنزلية الملقى على عاتقها. بالإضافة، تقوم» نساء البسطات « بأعمال إنتاجية أخرى إضافة إلى المواد الزراعية، مثل عمل» المفتول « البلدي وبيعه كمنتج غذائي مرغوب. ويذكر هذا بأيام زمان في المجتمع الريفي، حيث كانت المرأة تعد المونة السنوية من المنتجات الزراعية والحيوانية، مثل عمل الجبنة واللبنة، أو تربية الدواجن والمحاصيل الحيوانية.


وقد زاد إقبال النساء في العقود الأخيرة، الى الانتاج الغذائي في مشاريع صغيرة مدرة للدخل، نجح الكثير منها سواء أكان العمل في البيت أو في مكان خاص ومنها، عمل المعجنات بأنواعها والكبة وغيرها، بالاضافة لإعداد مأكولات خاصة مثل» المسخن «. بعض هذة المشروعات توسعت بفضل المبادرات النسائية والقروض من البنوك مقابل «الضمانات « التي لا تتوفر للمشاريع الصغيرة، وتشكل هذه المشكلة عائقاً أمام الكثيرات ممن يرغبن بتطوير مشاريعهن الصغيرة لمشاريع أوسع.


إن ظاهرة البيع بواسطة البسطات في شوارع وأرصفة عمان لا تعود بفائدة تجارية كبيرة على البائعات، كما تقول أم محمد : « والله يا حبيبتي إني أتعب كثيرا، وأنا أسوّق بضاعتي، ولا تعود عليّ بالكثير، إلا أنها والحمد لله نعمة تعود عليّ بتأمين قوت عائلتي، وبخاصة أنني أرملة، وأعيل عائلة من ستة أطفال.»


أحيي هذه المرأة العاملة، التي تأتي ببضاعتها الزراعية من ضواحي عمان، وتعمل بجد مع أطفالها لكي تحافظ على كرامتها، وعائلتها. مثلها يجب دعمها بالمبادرات الجادة من أجل تخفيف حملها الثقيل. 

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment