الوقاحة الأمريكية وسياسة ترمب الداعمة لنتنياهو بشكل ثابت مستمرة وبوتيرة عالية تأتي هذه الايام بأساليب مختلفة كالعادة منها ؛ استفزازات إسرائيل المتواصلة بدعم واضح لنتنياهو في حملته الانتخابية، وها هو نتنياهو يعد حقيبة السفر ليتوجه لأمريكا لهذا الغرض. نتنياهو سيتحرك في أمريكا بواسطة الجماعات اليهودية المؤيدة لأسرائيل ( أيباك ). وفي الداخل يقوم نتنياهو بتحيرك كل ما يمكن من ممارسات غير شرعية للضغط على الفلسطينيين واستفزازهم مثل الخطوة الاخيرة باقتطاع 138 مليون دولار من مستحقات السلطة الفلسطينية، والتي رفضتها السلطة الفلسطينية بالفم الملآن. ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل تقوم بتشجيع ودفع المستوطنين اليهود المتطرفين باقتحام باحات المسجد الاقصى تحت حماية جيش الدفاع، بالاضافة الى قيام قوات الاحتلال بمداهمات في أنحاء مختلفة من الاراضي الفلسطينية، مما سبب وقوع العديد من الإصابات والاعتقالات بين الرافضين والمقاومين لهذه الأعمال الاجرامية.
وصل غرور نتنياهو وترمب لدرجة عالية من الوقاحة وتحدي العالم بما فيه الامم المتحدة التي أصبحت تخيف إسرائيل، لأن علم فلسطين رفع على أكثر من مبنى من مبانيها. ولعل هذا ما يذّكر العالم، أن للفلسطينيين حقاً في وطنهم المحتل وحقهم بالعودة اليه وكما صوتت دول كثيرة تدعم هذه الحقوق في قرارات لم تطبق. المحاكم الدولية تندد اليوم بعدم التزام أسرائيل التي لا تحترم الاتفاقات الدولية ومنها اتفاقيات جنيف المتعلقة بمحاكمة اسرائيل لما قامت وتقوم به من جرائم حرب.. ولكنها لم تتمكن من اجبار إسرائيل على تطبيقها.
وفي هذا السياق، فإسرائيل وأمريكا ماضيتان في سياسة تطبيق الاستراتيجية المرسومة والتي أصبحت معروفة ومكشوفة للداني والقاصي وهي «صفقة العصر « التي استقر عليها ترمب بعد تسميات متعددة سابقة لأمريكا تتعلق ( بمشروع الشرق الاوسط الجديد) الذي تحلم به، للهيمنة الكاملة على المنطقة. ولعل ما تقوم به اليوم من محاولات لزعزة الاستقرار وتغيير القناعات، وخلق المطبعين وتسميم العقول والاغراءات بالسلطة والمال، ما يشير لذلك وكما حصل في مؤتمر وارسو الذي فضح ذلك.
حاول ترمب هذه المرة العمل في إطار إيجاد سياسة دولية وبأسلوب خبيث، بعيدا عن السياسة الاستعمارية من خلال حلف شمال الاطلسي» الناتو «، محاولا أيضاً تجاهل الأمم المتحدة بالاضافة لأوروبا التي ترفض وضع إيران كأولوية على اجندة المؤتر مهمشاً القضية الفلسطينية، وأيضاً اليمن التي يموت أهلها بالأسلحة الامريكية. ولهذا فشل ترمب ونتنياهو في وارسو ولعل التخبط الذي سببه خلافه مع بولندا لاشارته للمحرقة النازية ما خرب عليه سعادته غيرالمكتملة لاعتقاده انه نجح في «سياسة التطبيع مع العرب »، والتي هي موضع شك ورفض واسع من الفلسطينيين والعرب «الوطنيين».
نيسان على الأبواب موعد الانتخابات الاسرائيلية التي ينتظرها ترمب « رئيس حملته الانتخابية « وستكون نتائجها نقطة هامة للوقوف عندها، مع كل ما يجري من تطورات لا يجب الاستهانة بها. فللآن ترمب ونتنياهو ومن لف لفهم لن يفلحوا في سياستهم التي أصبحت تخيفهم أكثر من سراب سعادة يحلمون بها.. وما زالت سراباً!