في هذا اليوم 15 آيار، 2019 يصبح عدد سنين ما يسمى بالنكبة الفلسطينية، واحدًا وسبعين عام 1948، عندما رأت بريطانيا والحركة الصهيونية ذلك التاريخ مناسبا لتتويج أعمالها الاستعمارية المنظمة بإقامة دولة إسرائيل . فمنذ منتصف القرن الثامن عشر، بدأت الحركة الصهيونية خطتها التي نضجت في القرن التاسع عشر بمساعدة الانتداب البريطاني وحسب استراتيجية مرسومة لإقامة «دولة إسرائيل « على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض الفلسطينية الأصليين.
وفي مثل هذا التاريخ من كل عام يتذكر الفلسطينيون والعالم قصة النكبة وتشتيت الشعب الفلسطيني الذي ما يزال يعيش النكبات بعدما اقتلع من أرضه بتخطيط مدروس هو ما يسمى اليوم بخطة التطهير العرقي وكما يراه المؤرخون الذين كشفوا عنها في الحقبات الأخيرة ليفضحوا سياسة إسرائيل وأمريكا التي تدعمها من أجل تعزيز استعمارها الجديد.. ولعل ما حصل أنذاك وما زال مستمراً هي جريمة ضد الإنسانية التي لا يمكن إنكارها مهما تعمل إسرائيل اليوم لجعل الفلسطينيين والعالم نسيانها. وفي ذكرى النكبة يسترجع الفلسطينيون وأحفادهم الجريمة الكبرى عندما أجبر ثلاثة أرباع المليون إنسان على ترك البيوت والبساتين والمدارس والمكتبات والحياة الاجتماعية الدافئة التي تحمل حب الأرض والوطن ليصبحوا مشتتين وزعوا على مخيمات في الاردن وسوريا ولبنان، بعدما دمرت مدنهم وقراهم التي بلغ عددها أكثر من 531 مدينة وقرية. ولليوم يظل شعارهم الذي يرددونه» سنرجع يوماً « فاعلاً ً للتعبير والقول ؛ إن الأرض كانت وستظل لنا حتى يزول الاحتلال رغم كل المحاولات من مواصلة سياسة التطهير العرقي والاستعمار الاستيطاني لنزع الحق الفلسطيني في وطنه فلسطين . ولا أبشع للفلسطيني الذي يعود للبحث عن بيته، أو أثار بيوت الأجداد التي اصبحت أثراً بعد عين، ولا أكثر إيلاماً والفلسطيني الذي مات باكياً مقهوراً لأن، الصهيوني ساكن بيته المسروق، قد منعه من دخول بيته الاصلي قبل النكبة وكما ظلت دموع أمي رحمها الله، صورة موجعة ومحفزة ليست لي فقط، بل للأجيال وهي تروي لنا تجرتها الأليمة قبل رحيلها وشوقها لذلك البيت الكبير في لفتا عندما تركته في مرغمة الى الشتات.
رغم السنين الطويلة للنكبة 1948، لا يزال الجيل الكبير من الفلسطينيين يحمل مفتاح البيت وذاكرة الأرض والوطن، يورثها للجيل الجديد. لقد حاولت إسرائيل جعل خططها واستراتيجياتها المتتابعة عبر السنين للتخلص من الشعب الفلسطيني وحقهم بالعودة والأرض جزءاً مستمراً من استراجيتها الاستعمارية. لليوم لم تستطع أسرائيل أن تنسي الفلسطينيين ذلك العدد الضخم من شهدائهم الذين سقطوا ويسقطون للدفاع عما تبقى من الأرض، وهم يتحدون إسرائيل بإ صرارهم للعودة , ليس هذا «كلام في كلام «كما يرى من يبحثون عن وسائل تجعل الفسطيني ينسى أن إسرائيل المحتلة هي «دولة «غير شرعية، ومهما تفننت هي وأمريكا من أساليب لإتمام النكبة المستمرة، وإن أسمتها بأسماء مختلفة مثل «صفقة العصر « التي تحاول تمريرها مع من يوافق ويراهن على أن الفلسطيني سينسى النكبة الأولى وأثارها.
يبدو أن أمريكا وإسرائيل وبعد كل التعريفات عن معاني الاستعمار وألوانه، لا تستوعب أن مواصلتها سياستها في طمس الحقائق، وتزوير التاريخ، وتجميله ببدعة «صفقة العصر « لن تقنع ولن تنطلي على الفلسطيني متجدد الانتماء والهوية لبلده فلسطين، اليوم في ذكرى النكبة أو كل يوم في الغد..