في حديث ودي، حول كتابي الأخير(عمان بين الغزل والعمل)، اهتم أحد الأصدقاء (بالفصل السابع) من الكتاب المعنون (ثقافة الطعام) الذي وجده هاما وضرورياً في الكتابات الاجتماعية، في حقبات متغيرة من الزمن لأي مجتمع. ، خاصة وقد ظهرت تغيرات وتطورات في مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية في عمان. وتوقفنا عند ظاهرة « ثقافة الاطعمة بشكل عام والهامبورجر والمشروبات الغازية وتوابعها بشكل خاص».
فمع انتشار أنواع الغزو والتسلط والسرعة في التنافس للوصول لأهداف مرسومة وغير مرسومة، لبعض الدول وأولها أمريكا، ظهرت نشاطات سلبية إيجابية حول انشار أنواع معينة في المظاهر الاجتماعية والثقافية والسياسية ، واعتبرت رموز بعضها هدف لزيادة مصالحها الاقتصادية.
لذلك ليس غريبا أن تصبح الأغذية وثقافة الطعام كوسيلة تعبيرفي الاحتجاجات المتعددة المعادية» للعولمة « التي مورست في مؤتمرات عالمية في الثمانينيات من القرن الماضي. فقد اعتبرت الدول الغاضبة أن العولمة لا تمكن جميع الشعوب من الاستفادة من مكاسبها، وقد تبين أن ذلك، لاختلاف الدول بتحديد الأهداف الحقيقية لمفهوم العولمة وانفتاح الدول على بعض.
عمان اليوم تواجه عملية التغيير وهي تسير بوتيرة سريعة حتى أنها أصبحت لا تتوقف عند طعم الغذاء، بل تحمل اسم الشركات العالمية المنتجة، عابرة القارات ليقوم الجميع بعمليات دعاية مجانية للشركات التي تتفن بوسائل الدعاية. ويبدو أن رموزاً كثيرة من العلامات التجارية العالمية تزداد هيمنة على الاسواق مثل» الهامبورجر» وتوابعها وبخاصة أن عمان أخذت تحمل صفة المدينة «الكوموبلوتينية « وإن كانت لم تكتمل بعد. التغيرات الاجتماعية بشكل عام، أصبحت تهدد ظواهر اجتماعية وثقافية ومنها الاغذية والطعام،والاطباق الرئيسة مثل» المنسف والمقلوبة والمسخن الاطباق التي نعتبرها من» الثقافة التراثية» وجزءا من الثقافة الغذائية الشعبية. بالإضافة أنها نظاماً غذائياً، لدول البحر الأبيض المتوسط تمثل» نظاما مميزاً للتغذية» وفق دراسات مؤسسات عالمية جادة.ولعل توفر اللحوم والخضروات الطازجة والفواكه في السوق أو في حاكورة المنزل كانت تساهم في توفير الغذاء الصحي الذي استبدل بالمستورد أو بنظم جديدة غير صحية غنية بالدهون أو السكريات.
الغذاء ثقافة، والتحكم «بطعام البحر الابيض المتوسط « أو طعامنا الصحي التاريخي،ضرورة. فقد ذكرت المجلة العلمية الامريكية عام 2000 أن « أهم عمل نفسي يؤثر على أتجاه نوعيات المنتجات الغذائية في القرن الحادي والعشرين، هو مدى اعتبار الطعام مألوفا ًومعتاداً بالنسبة للمستهلك في بيئته المحلية وبخاصة من ناحية نكهته (رائحته ومذاقه).»
ولن تتحقق» المحافظة على هوية الطعام « وأطباقنا التي تعتبر ثقافة غذائية هامة، إلا بمساعدة المستهلك بكل الوسائل العملية والإعلامية، لكي يواجه سرعة المتغيرات في منتجات العولمة الغذائية التي تغزو أسواقنا وتنافس الهوية في كثير من المجالات. فالإقبال على على التنوع بالاطعمة، لا بد أن يكون وفق ما لدينا من طعام صحي ومتوفر طبيعياً في بيئتنا المحلية، وليس الجري وراء الاغذية السريعة والمطاعم التي تغزو أسواقنا لتكون البديل وليس المكمل للمنظومة الغذائية الصحية.!!