حضرت مع جمع من المدعوين من (منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية ) لقاءً حوارياً شاملاً مع د. يوسف الشواربة أمين العاصمة عن (عمان… مدينة النور). كان أول ما لفت نظري التسمية أو اللقب الذي أطلق على المدينة التي لبست على مر الزمن أسماءاً مختلفة، منها في السنين الماضية إسم «أُمنا عمان « تعبيراً عن التقدير والاحترام المشتق من محبة الأم وتقديسها. جاءت التسمية الجديدة عندما حظيت عمان بتاريخ 1-8- 2019 بلقب» مدينة النور « لما توفره للاجئين في «بيئة مناسبة للعمل والعيش فيها.. « كما جاء في وثيقة التقدير من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الدولية ، التي منحتها إياها.
شارك الحضور المثقف من جيل الشباب والشيوخ من الجنسين في مداخلات ونقاش حول المكان والإنسان في جو ديمقراطي . كان «حارس المدينة « سعيداً بالإجابة على الاسئلة المختلفة عن عمان اليوم والأمس والمستقبل، حيث ربط عمان بالتغيرات والتطورات المستمرة للمكان والإنسان وربطها بمفهوم التنمية البشرية الإنسانية العصري والعالمي، ما جعل للحوار أهمية خاصة.ولعل هذا المدخل ما أغنى النقاش وكما تناولته «تقارير الأمم المتحدة للتنمية الانسانية العربية في العقود الأخيرة . فقد أكدت التقارير على أهمية التنمية الانسانية كنهج أصيل في التنمية الشاملة المتكاملة للمؤسسات المجتمعية. بهذا المفهوم تكون التنمية وسيلة ايجابية لتوسيع خيارات الناس بهدف تحقيق الغايات الانسانية الأسمى وحقهم في العيش الكريم ماياً ومعنوياً، كما وسع الرفاه الانساني ليصبح اكثر من التنعم المادي وليشمل الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوفير الفرص لاكتساب المعرفة والانتاج والابداع، والاستمتاع بالجمال والكرامة الإنسانية.
وفي هذا السياق، ناقش الحضور مع عمدة العاصمة،التحديات التنموية التي تواجه عمان في الألفية الثالثة وسبل التغلب عليها كما « أزمة السير « التي تقلق المسؤول والمواطن للبحث عن الحلول، ومنها العوامل الأقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تلعب دوراً متعاظماً في عملية التنمية المستدامة. ولعله بربطه التحديات مع أهمية السلوكيات في المجتمع ما عمق مصداقية تحليله، وبخاصة عندما أجاب على مداخلات تطرقت لعدم نظافة بعض البؤر البيئية ودور الامانة في التعامل معها، من قبل عمال النظافة أو « عمال الوطن « وأعطى مثلاً حيًا عن سلوكيات المتنزهين وعدم الاهتمام بتنظيف ما يتركون من أوساخ تضر بالمدينة والبيئة مشيراً أن الناس يجب أن يتحملوا بعض المسؤولية لصنع المدينة كما المسؤول.
وفي سياق المعرفة والتنمية الانسانية لعمان، فقد كان متفائلاً، واثقاً أن عمان اليوم تسير في ركب التطور التكنولوجي والعمل على استخدام مستجدات العصر العلمية من أجل بناء مجتمع المعرفة الذي يعتمد على الوسائل الحداثية لتسهيل المعاملات وخدمة المواطن بالأساليب العصرية من اجل بلوغ الغايات ورأى أن مدينة النور ستصبح أجمل بمزيد من التطور بالتقانة الحيوية وتقانة التصنيع والتقانة البيئية من أجل توظيفها في إنجاز المشروعات التي تصنع من المدينة مكاناً مناسباً وجميلاً للعيش والابداع فيه.
لم يغفل مداخلتي وسؤالي عن أهمية المحافظة على المعالم العمرانية التراثية التي تشكل أساساً لحمل الهوية والحفاظ عليها وبخاصة أن عمان تسير في سرعة كبيرة لمواكبة التطورات العالمية في زمن سريع التغير. ولعل جوابه المقنع بعدم التنكر للتراث، وربطه بالتنمية والوضع الاقتصادي ما يجعل الإنسان يتوقف عند ، أهمية البحث عن الوسائل والمشاريع المشتركة من أجل عمل اكثر فعالية للتكامل الثقافي الحداثي اليوم وبالمستقبل.
ولا بد من القول أنني عشت في هذا الحوار في عمان أيام زمان، كما عمان اليوم، وسعدت بتفاؤل أمين العاصمة، وحماسته للمحافظة على الاسم الجديد لعمان ( مدينة النور) ..فلنعمل معاً من أجل مواصلة تطور المدينة التي نحب والاستمتاع بالعيش فيها لكي مدينة النور يعم نورها جميع الأرجاء..