النكبة كلمة أو مصطلح يحرك الحزن والسخط في النفوس، لأنه فعل رعب ورواية قبيحة جرت للشعب الفلسطيني بكامله قبل 68 سنة . رواية صنعها الاستعمار الأنجلو صهيوني بحرفية عالية لقلع شعب بكامله من أرض سكنها الفلسطينيون منذ ألاف السنين . لم تحصل النكبة الفلسطينية صدفة ، ولا عن سوء إدارة أو بالخطأ ، بل عن قصد وسبق إصرار من اليهود بمساعدة بريطانيا كما اثبت الباحثون ومنهم من المؤرخين الجدد اليهود ، أبرزهم إيان بابيه . في حرب 1948 استعملت العضابات الصهيونية خطة للتطهير العرقي ، أي لتفريغ البلاد من أهلها الاصليين الفلسطينيين العرب . ومن المحزن بل من الجريمة أن القضية الفلسطينية تحمل في أحشائها كل مؤشرات جرائم الحرب في سنة النكبة وما بعدها بعد الاحتلال الاسرائيلي المستمر .والعالم بكامله شاهد على الجريمة ، وعلى الشتات الفلسطيني المستمر بتفريغ الارض وإقامة المستوطنات عليها ..
جرائم إسرائيل التي سطرها التاريخ ستظل وصمة عار على البشرية ، فالاساليب التي استعملتها الصهيونية أثناء عملية تفريغ فلسطين من أهلها عام النكبة وحربها القذرة متنوعة وغير إنسانية . من هذه الاساليب المرعبة مذبحة دير ياسين المشهورة التي رسمت كل القبح الانساني ضد قرية جميلة وادعة علّها تكون عبرة لبقية القرى المجاورة . فقد استخدمت العصابات الصهيونية الهاغناة والأرغون لبدء العملية خطة “ الضغط النفسي “ ، ووسائل إرهابية بتوجيه التهديدات للعرب بالمكالمات الهاتفية وبمكبرات الصوت والملصقات والرسائل ، بالاضافة لقطع الاسلاك الكهربائية ، وأطلاق قنابل يدوية واطلاق النار في الهواء . رغم هذا الأسلوب الوحشي ضد السكان ، لم تنجح الخطة في البداية ، فقرروا إخلاء القرى بكاملها وهجروها بالفعل بعدما نشروا الرعب بالقرى المجاورة وهي القرى الغربية التي تقع في الطريق للساحل وتل أبيب , ويقول المؤرخون أن فتح الطريق كان من أجل ايصال المؤونة للمستعمرات اليهودية التي كانت تلاقي ضربات ومقاومة من المناضلين والمقاومين الفلسطينيين . لقد قاوم الفلسطينيون في ثوراتهم التاريخية , 1922، 1929 ، 1933 ، وكانت ثورة 1936- 1939 العظيمة التي احبطت معالاسف ، وكانت اول ثورة شعبية استعملوا فيها السلاح .
كانت خطة بن غوريون واستراتيجتيه الوحشية تتلخص أهدافها في إعداد قوات مسلحة للقيام بهجمات ضد السكان العزل . استعمل الصهاينة خطة الثأر والتأديب والانتقام ، ومنها قتل القيادة السياسية أو المحرضين أو النشطاء ، وأيضا ضباط في سلطة الانتداب ، وضرب حركة النقل الفلسطينية ، وإلحاق الضرر بآبار المياه والطواحين والكهرباء , وغيرها . ولم يتوقف الانتقام عند هذا الحد ، بل توسعت الصهيونية بخططها بمهاجمة القرى المجاورة التي يمكن ان تساعد ، ومهاجمةالنوادي والمقاهي ، وأماكن التجمع وتفتيتها . ، وفي حال ابداء المقاومة كانوا يطردون السكان خارج البلاد . كما قامت العصابات الصهيونية بإشعال النار في الدور وتفجيرها وزرع الالغام كي لا يعود الناس الى دورهم . ولعل الآثار المدمرة في القرى المهجرة اليوم خير دليل على ذلك بالاضافة لازالة بعض القرى وجعلها أثرا بعد عين . ما يزيد الوجع الفلسطيني ، عملية السرقة والاستيلاء على البيوت بفرشها فقد تسابق اليهود من مستعمراتهم الى السكن في بيوت العرب المفروشة بفرش حديث تحيط بها حدائق يانعة ، كما البقعة والقطمون في القدس . وسطت إسرائيل على مكتبات أهل فلسطين ، وحملوها الى الجامعة العبرية ، بالاضافة الى أرشيف الصحف العربية التي كانت تصدر في القدس ويافا . لقد كانوا يصادرون معالم الثقافة والتثقدم من أجل تزوير التاريخ ، ولكي يستمروا في ادعاءتهم الكاذبة أن فلسطين كانت “ . أرض بلا شعب “.
من يقرأ التاريخ أو يعيش فيما تبقى من المدن والقرى تحت الاحتلال الذي توسع عام 1967 ولليوم ، ليرى أن الاستعمار الاسرائيلي الذي يعمل على تهويد الأرض كما رسمتها الصهيونية منذ البداية . بالاضافة أن الشعب الفلسطيني رغم الصمت العربي والدولي على الممارسات الوحشية المستمرة ، ما يزال صامدا لم يستسلم للمحتل ، وهو مستمر أيضا برفض المخطاطات الاستعمارية المرسومة . ولعل الفلسطينين الصامدين الذين يتصدون للعدو ، ودون سلاح الا بالحجر والسكاكين لهو أكبر برهان على العزيمة لنيل حقوقهم ولو بعد حين .. ، إنهم يتحدون العمليات الانتقامية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ن واستعمال الطائرات من غير طيار “ الزنانة “ لاغتيال المقاومين ، كما استعمال الفسفور الابيض لهو الدليل .
إسرائيل ماضية في استعمال كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتفريغ الانسان أو قتله ، كما كانت في السابق مع تطوير أدواتها ، علّ الجيل الجديد ينسى كما اعتقدت جولدا مئير عندما قالت “ الكبار سيموتون والصغار سينسون “ ، إلا أن الحقيقة تقول :، أن الشعب الفلسطيني رغم ما يلف القضية من تهميش وصمت دوليّ ستظل هاجس كل فلسطيني حتى العودة !!