ليس غريبا أن تقوم إسرائيل بمواصلة سياستها الصهيونية من أجل تعزيز وابقاء دولة إسرائيل، والتي تعمل على جعل القدس عاصمة أبدية لها أو هدم المسجد الاقصى . يبدو هذا واضحا في نية وزيرة الثقافة الاسرائلية المتطرفة ووزير “ملف القدس “ في حزب الليكود الحاكم اليوم التي تسعى بتخصيص ميزانية خاصة من أجل الاستمرار بتحقيق الحلم اليهودي ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الاقصى . يتلخص المشروع في إنشاء “ صندوق الهيكل “ لجمع الأموال، ليضاف الى الصناديق المالية والاعلامية التي تعزز الاحتلال بتهويد المدينة ، وليضاف الى “ صندوق اورشليم “ الذي يعتني باليهود اجتماعيا وتثقيفيا وسياسيا ولتوطينهم بالقدس قرب الحرم الشريف . .
القدس كانت وما زالت على رأس الاجندة الاسرائيلية التي تمسكت، منذ المؤتمر الأول للصهيونية الذي عقد في بازل، سويسرا عام 1897 . ففيه وبالتعاون مع الصحفي النمساوي هيرتسل، الذي أنشأ فكرة “ القومية اليهودية الحديثة “ ليرتبط اسمه بالصهيونية . في كتابه الشهير “ الدولة اليهودية “ كتبه بالألمانية وترجم للفرنسية والإنجليزية، لم يتطرق فيه الى القيّم الروحية والخرافات اليهودية . إلا أن الصهيونية استغلت عامل الدين الذي يزعم أن فلسطين “ ارض الميعاد “ بالنسبة لليهود .
كان المال، من أهم توصيات المؤتمر الصهيوني . وما يزال لليوم . تستمر إسرائيل اليوم بحاجة للمال بشتى الطرق لمواصلة إقامة مشاريعها الاستيطانية للاستيلاء على القدس وكل فلسطين . كان المال اليهودي له أكبر الاهمية لاقامة إسرائيل إذ قام هيرتزل بجولة على العالم بعد المؤتمر، مستغلا النفوذ الصهيوني لأقامة( الصندوق اليهودي ) من أجل إقامة ما أسموه “ بالوطن القومي “ .و كان من أهم توصيات المؤتمر إنشاء مؤسسات مالية، وبنكية، ومؤسسات لشراء الأراضي في فلسطين، ومؤسسات لتطويرها، ومؤسسات إعلامية للتأثير على الرأي العام . وقد نجحوا في ذلك. – وللتذكير فقط – فقد كان لأغنى عائلة في العالم،(عائلة روتشيلد )اليهودية البريطانية، التي تملك 500 ترليون دولار، وتسيطر على اقتصاد العالم أكبر الأثر على دعم إقامة اسرائيل، ولتحقق وعد بلفور 1917 الذي صكته بريطانيا وساعدت في تحقيقه تحت انتدابها لفلسطين، وحتى عام النكبة .
ومن العروف، أن المشاريع الاستيطانية والاستمرار في تهويد القدس والاستيلاء على الأرضي الفلسطينية اليوم، لا ينقصها المال اليهودي الذي يجمع بواسطة صناديق لا حصر لها وبأسماء متعددة لجمع المال لإسرائيل ولا مجال للتوسع بها في هذه المقالة .فالصندوق المالي المزمع إنشاؤه، والمسمى “ تراث جبل الهيكل “ سيضاف للصناديق الأخرى المحشوة “ بالقوة “من الاحتكارات اليهودية في العالم من الذهب والالماس والتجارة والإعلام، المسخّرة لاستعمالها بالطرق والوقت المناسبين لدعم ما بدأتها أموال روتشيلد، وأموال يهود أمريكا والعالم .
ومن جهة أخرى لا بد من القول، أن هناك “ صناديق عربية إسلامية “ قليلة وضعيفة “مخصصة للقدس” تنحصر في ترميم بعض المنازل للأسر العربية وغير فاعلة في الحفاظ أو حماية المسجد الأقصى من الهدم أو منافسة ( صندوق أورشليم ) الذي أنشأه تيدي كوليك رئيس بلدية القدس 1966 إذ تمكن من تمويل أربعة ألاف مشروع يهودي لابقاء اليهود في القدس وجذبهم إليها . الصناديق اليهودية تستمر بالتوالد، فأين هي صناديقنا لانقاذ القدس والحرم الشريف من لهيبها ؟ .