صباح الحياة الجميلة، كما أراه هو عندما تفتح عينيك على صوت فيروز من أي محطة إذاعية، كما أفعل وبخاصة في زمن أصبحت موسيقى الحروب وطبول الفقر تؤرق الأحاسيس في النوم والصحوة . أفسر هذه الظاهرة أي سماع الموسيقى والتي يشاركني بها الكثيرون أنها محاولة مقصودة مع سبق الاصرار لبدء يوم جميل إن استطعت لذلك سبيلاً، لتصنع البداية أو بعد حضور حفل موسيقيّ في ليلة صافية تحت ضوء القمر والنجوم . والموسيقى كا نعرف لها تاريخ ونظريات ومدارس يهتم بها المتخصصون . ولعل تفاعل الناس مع الموسيقى سواء أكانت كلاسيكية أم شعبية أم روحانية “الموشحات “ له تأثيرات نفسية علينا مختلفة وكذلك ردود أفعال متنوعة على أحاسيسنا .

أتوقف عند أهمية الموسيقى في حياتنا، فهناك فعلا من يحب سماع الموسيقى، وهناك من ينسبونهم الى النخبة المميزة التي وصلت بهم لدرجة عالية من الثقافة والذوق والأحاسيس . وقد يكون في هذا بعض الصواب إذ للكثيرين من الكتاب طقوس خاصة في حياتهم الادبية، حيث تساعدهم الموسيقى الكلاسيكية على التركيز، والالهام . إلا أن الموسيقى كما أرى تخلق عند كل إنسان مشاعر خاصة، وردود فعل داخلية . والمستمع أو المدمن على سماع الموسيقى يعتبر لديه موهبة كما الفنان الذي ينتجها مهما كانت منزلته الاجتماعية وهي موهبة نائمة تنتظر من يوقظها للاستمتاع بالحياة ..

  يأتي صيف عمان والنشاطات الصيفية التي تحفز الحركة والتغيير ومن هذ النشاطات مهرجان جرش الثقافي الذي يجمع محبي الموسيقى والوانها الطربية المتنوعة والشعبية التي تملأ النفوس فرحاً وتشحذ الطاقات الايجابية المعطلة عن الكثيرين وهم يتزاحمون لسماع الطرب من الفنانيين الأردنيين أو الضيوف العرب والأجانب . . وكان لهذه المواسم الصيفية أهمية حاصة بتنشيط السياحة بدعوة الفرق الفنية العربية والأجنبية من رقص وغناء بالإضافة لتسمين جيوب الفنانين الذين يتألقون على المدرجات الحجرية التاريخية وسط إعجاب جمهور عمان والأردن بشكل خاص .

الموسيقى عالم قائم بذاته مكمل لحياتنا العملية المتزاحمة بالماديات، في نعمة تخفف من مشاكل الحياة اليومية . ومن الخطأ أن نشعر بالخجل كما البعض ونحن نغني للحياة الأغاني الشعبية وندبك على نغماتها أو نصغي للموسيقى الكلاسيكية ونحن نحلق في عوالمنا أو ونحن نسمع لفيروز كل ألوانها وهي تأخذنا للسماء وتعيدنا للأرض، أو لبيتهوفن الذي يخلق فيمن يفهمه عوالم عالية تخلق لغة مميزة تسمو بالروح الانسانية . فالغناء السار والحزين هو تعبير عما في داخلنا من أحاسيس إنسانية بحاجة لمن يوقظها لتظل توقد الدهشة في نفوسنا . فقد غنينا في الحرب والسلم، وفي الحياة اليومية في الأعراس والولادة والطهور ، كما غنينا في حياتنا السياسية التي أبرزت أناشيدها الوطنية أحاسيس الشعوب . إن سماع الأغاني توقظ فينا مشاعر روحانية خاصة ولا نحتاج الا لفتح نوافذ نفوسنا وأرواحنا عليها لنشعر بالطمأنينة والانسانية فهي الدواء والحياة . ولعل من ينتقد محبي الغناء أي نوع من الغناء ما عليه إلا أن يجرب سماع صوت فيروز مبكراً على الريق، ليغير رأيه في أهميتها للرقيّ بالمشاعر والأحاسيس .

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment