زينت صور البنات المتفوقات بالتوجيهي صفحات الجرائد، بعد إعلان نتائج التوجيهي لهذا العام 2017 ، وقد كانت أغلبية البنات من الأوائل قد تفوقن على الذكور، كما تدل الارقام “31 مقابل 12 طالباً “. بنات “شاطرات” حصلن على علامات تكاد تكون كاملة، حوالي 99%، في العلمي و الأدبي اللذين تفوقن بهما وكن من العشر الأوائل في المملكة. صور البنات الشابات سعيدات وقد خرجن من” معركة التوجيهي “ كما كنا نسميها، إذ كان التوجيهي كلمة مرعبة مخيفة ليس للطلاب والطالبات في العقود الماضية، بل للأهالي، ولعمان بكاملها في أيام الامتحانات . فقد حصلت أكثر من معركة بين الجيران في الحارات المتقاربة والأولاد يتراكضون في لعبة الفوتبول لتمضية الوقت، وأصواتهم السعيدة تعلو وتتسلل لغرف الدراسة في البيوت التي فيها من يدرس للامتحان المخيف.رغم ذلك فقد نجح من “ اجتهد وكدّ و وثابر “ ، وأخذ العلم والدراسة بشكل جاد.
النتيجة الإيجابية بشكل عام، لها دلائل عدة، افرزتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طالت المجتمع. ولعل أهمها هو إتاحة الفرصة للبنات أن يتنافسن مع الذكور في مضمار التعليم، في المراحل الدراسية المختلفة وفي المناهج التعليمية وأن يتفوق كالاولاد. ولعل تحقيق المطالبة بالمساواة “بالتعليم للجميع “ الشعار الذي رفعته الدول من أجل التعليم، قد حقق أكله، رغم العقبات والسلبيات التي تواجه المسيرة ومنها المناهج والموضوعات التي ما تزال بحاجة للمراجعة، بعد سنين من مناقشتها على المستوى الفردي والجمعي في المجتمع من المتخصصين والمهتمين الذين كان لهم أراء جريئة حول الموضوع.
فرحة التوجيهي لهذه الوجبة فرحة عمت البيوت والشارع دون إطلاق” نيران الفرح”، أحد سلبيات الأفراح في المجتمع التي ادت لموت ضحايا رصاصات طائشة بسبب ممارسات جاهلة، يبدو أننا تخلصنا منها على الاقل في عمان، إذ لم أسمع طقلات الفرح والوزير عمر الرزاز يعلن النتائج للملأ. فرح النجاح بالتوجيهي، هو بداية الطريق، للمزيد من العلم في مرحلة الدراسات العليا في الجامعات، وما لها من خصوصية. لا ينقص الأردن الجامعات، التي أصبحت متوفرة لمن انهى الثانوية العامة بأي معدل، فهناك التخصصات التي تناسب قبول العدد الأكبر من العلمي، والأدبي، والمهني وقد وضع لها وزير التعليم العالي عادل الطويسي خطة مستقبلية، تساهم في حل المشاكل الكثيرة التي تواجه التعليم العالي اليوم . ولعل عملية القبول” دون تحيّز “ ، من اجل ضبط المخرجات تساعد في احتواء الخريجين لسوق العمل، الذي يتطلب قوى بشرية متحركة تساهم في تقليل عدد العاطلين عن العمل في المستقبل.
لا بد من القول، إن مواصلة الاهتمام بالتعليم في مراحله المختلفة، مؤشر ايجابيّ للإصلاح والتطوير ليس فقط في العملية التعليمية والتثقيفية، بل في استراتيجية عملية التنمية المتكاملة بشكل عام، وبدون ذلك قد تتبدد الإيجابيات في هذا القطاع كما القطاعات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تهدف لصنع إنسان المستقبل المؤهل لينافس المستجدات المحلية والإقليمية والعالمية وكيفية التعامل معها في عالم التكنولوجيا والتغيرات المتسارعة، ومن جهة أخرى فإن الخريجين الكثر الذين يتزايدون كل عام، يزيدون أيضاً في مواجهة مشكلة الفقر والبطالة التي تتزايد كل يوم.
الفرحة للبنات والأولاد، تأتي متزامنة اليوم مع مناسبة( اليوم العالمي للشباب، الذي يحتفى به في 12 آب من كل عام ). هذا النجاح هو احتفاء بالغالبية العظمى من السكان بين الفئة العمرية( 20- 29 ) في الأردن، والذين تبلغ نسبتهم 70% . تخلق المزيد من المسؤولية لكيفية للتعامل مع المشكلات المرافقة لهذ االفرح. هناك احباطات كبيرة اليوم بين الشباب، نتيجة زيادة معدلات البطالة وضعف النظام الاقتصادي لاستيعاب عدد لا يستهان به من الخريجين أو عدم الخريجين، الذين يواجهون حياة معيشية صعبة، تدفع للإحباط وإضاعة الفرح الشبابي، ولا بد من مواصة البحث عن الحلول من أجل فرح دائم، وليس وقتيا.