قد يبدو أنني أعيد ما كتبت في السابق عن عمل إسرائيل المستمر في عملية قبيحة لتهويد القدس، اقول لا، ليس إعادة لما كتبت، بل هو متابعة لكشف خطوات، وأعمال إسرائيل في عملية التهويد، ولا أرى ذلك مفاجأة فهي مرحلة متقدمة من العملية، وهي عمليات استفزازية مستمرة لها مؤشراتها ودلالاتها الواضحة.
تنتهز إسرائيل مناسبة عيد الأضحى بتشجيع مخطط واضح لتقوم من جديد بمحاولة، ستفشل كسابقاتها. الكل ما يزال يتذكر آخر المحاولات الاستفزازية الملتهبة، عندما تصدى المقادسة لإسرائيل لمنع المسلمين من الصلاة في المسجد الاقصى، واقفال أبواب القدس في وجه المصلين. فشلت إسرائيل بقواتها العسكرية، وسياستها العنصرية في تهويد المسجد، وتمكن الفلسطينيون بالهبة الشعبية فتح الأبواب لتضاف هذه الهبة الى الثورات الحقيقية التي قام بها الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية وضد الخاخامات المتطرفة، التي ما فتئت تحاول سرقة القدس وتهويدها، ولعل هبة 1927، تذكر بذلك.
مؤشرات سابقة تاريخية ومعتقدات خرافية وحالية واقعية كثيرة مكشوفة ومبطنة باتت معروفة، الحفريات المستمرة تحت الأقصى لخلخلته أو علها تجد دليلاً لوجود ما يشير لهيكلهم المزعوم، هدم البيوت في حي البستان في سلوان علّها تفرغه من أهله لتبني مدينة ما تسميه مدينة داوود، العبث بمقبرة الشهداء في مأمن الله، نبش قبور المسلمين، إنشاء مقابر يهودية تاريخية وهمية في القدس تدل أنهم كانوا هناك، وتفريغ القدس القديمة من أهلها، ومحاولة تقسيم المسجد في المكان والزمان، ليصبح أمراً واقعاً، وأكثر من ذلك، لهو دلالة لمؤشرات مسعورة لمحتل مستبد.
بوقاحة المحتل الذي يقلل من سخط أصحاب الارض، يتحدى نتنياهو العالم والحق، ويسمح بوقاحة لسبعين مستوطنا، وأعضاء من الكنيست الإسرائلي المتطرفين باقتحام الأقصى، وبهذا تنكشف خطته التي تتحدى القرارات الدولية التي تؤكد أن الأقصى مكانً ديني مقدس للمسلمين. إسرائيل لا تستجب لأية قرارات أو أية اعترافات بصلابة الشعب الفلسطيني، ولذلك تقوم بهذه الاستفزازت المبيتة والحلقة الموصولة مع الاستفزازات السابقة. هذه التحديات ستقود لهبة لن تخمد هذه المرة، ولعلها تفتح عيون أمريكا المساهمة في هذه الاستفزازات والنار التي تشعلها.
الشعب الفلسطيني، في تاريخه خدع بتآمر الدول الاستعمارية عليه، واليوم مع العالم تقول قرارات الأمم المتحدة إن إسرائيل دولة محتلة، لا يحق لها تهويد القدس وتجييرها باسمها لتكون عاصمة أسرائيل المستعمرة الصهيونية. يقدم نتنياهو على تشجيع اقتحام القدس، بتشجيع من الولايات المتحدة، بشكل ملفت من ترمب وعائلته وأحفاده وصهره ومن لف لفهم.
نتنياهو واقع وغارق في مشاكله التي كشفت سياسته العنصرية أثناء زيارة غوتيرس، الأمين العام للأمم المتحدة، بكل صلافة يتهم نتنياهو الأمين العام بالتحيز ضد إسرائيل؛ لان قرارات منظمات الأمم المتحدة،، مثل اليونسكو، ومجلس حقوق الإنسان التابع لها تقول الحقيقة، وهي قرارات تحارب العنصرية. ولعل ما واجهه غوتيرس من حرب كلامية ضده في إسرائيل مؤخراً لتدل على مدى ما وصل إليه نتنياهو من حقد، ومن فشل واضح وانكشاف عنصريته وتنكره لاقامة دولة فلسطينية حرة ومستقلة.
ما يجري جهاراً من معارضة الأمين العام واتهامه “بالتحيز ضد إسرائيل “ لأن الرجل كشف الأكاذيب، كاف لفضح نتنياهو اليميني المتطرف الذي يبارك سياسة المستوطنيين واستمرارهم في خططهم لهدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم . ضعف نتنياهو وتخبطه في سياسة عنصرية واضحة بتشجيع من ترمب أمريكا تزيد من توحيد جميع المرجعيات الدينية المقدسية والإسلامية والمسيحية لمواصلة إيقاف هذا التعدي على الإنسان الفلسطيني كما المقدسات السماوية، من أجل خرافات مهووسيين يتحدون شعباً أعزل تحت احتلال لئيم.