ترمب مستمر بسياسة استعمارية لتعزيز الاحتلال، وفقاَ لرغبات وأحلام إسرائيل، لتظل دولة عنصرية، يتحكم بها المستوطنون ولابعاد تحقيق الاهداف الفلسطينية لاقامة الدولة المستقلة. يقوم ترمب بإيهام العالم أن لديه “مشروعاً للسلام “ يرضي الطرفين. وهو يحاول الايهام أنه مشروع مقبول؛ ما تسرب ولم يتسرب من مضامينه تبدو غير مقبولة من الفلسطينيين على المستوى الرسمي والشعبي. لعل اخطرها، التنازل عن الحقوق الفلسطينية العادلة، والطروحات والمشاريع التي تسقط حق العودة، والتنازل عن القدس بتقسيمها لتصبح يهودية وخاصة أن إسرائيل ماضية بتوسيع وتسمين المستوطنات وبوقاحة ضاربة بالقرار الدولي 194 بعرض الحائط. للان لم يتنازل الفلسطينيون ولا منظمة التحرير عن الثوابت التي يعرفها الشعب الفلسطيني ويتمسك بها، وهي انهاء الاحتلال، وحق العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي هذا السياق، إسرائيل تقوم بعرقلة الوصول للحل الذي يلبي المطالب الوطنية، ولعل أبرز ما يشير لذلك، هو استمرارها ببناء المستوطنات، وتهديد المسجد الأقصى وتعريضه للهدم. فحسب جريدة هارتس، فإسرائيل تقوم بشكل متسارع لتنفيذ مخطط لإقامة قطار هوائي في القدس الشرقية المحتلة يمر بالقرب من أسوار القدس العتيقة والمسجد الاقصى. ولعل هذا المشروع الاستعماري يهدف الى ربط الأراضي التي تستولي عليها وبخاصة المحيطة بالقدس، لتتصرف بها البلدية الاسرائيلية كما تريد من أجل فرض الأمر الواقع. مثل هذه المشاريع تهدف الى تحقيق الأحلام الإسرائيلية لكي تصبح القدس عاصمة إسرائيل “ الأبدية “، ولكي تنفي حق الفلسطينيين بأن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية، وكما يعترف بها المجتمع الدولي، وفقاً لأكثر من قرار أممي، ومنها قرار اليونسكو الذي اتخذ مؤخراً، بأن” القدس عربية “.
فالقدس والمستوطنات المتكاثرة حولها، بالإضافة لمنع العرب، الوصول للمسجد الأقصى، ليدل بشكل واضح سبب استمرارية ممارسات اسرائيل القمعية رغم فشلها بقتل الروح الفلسطينية المتيقظة. فمشروع واشنطن الذي سيكشف ترمب عنه في- اي يوم-، لن يحل المشكلة، لأنه متحيّز لاسرائيل ولسياسة نتنياهو اليمينية المتطرفة والعنصرية. ولعل هذا المشروع مرفوض منذ اليوم من قبل القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي لن يتنازل عن الثوابت الوطنية. إن فتح منافذ التطبيع والاغراءات الاقتصادية،والعبث بأملاك الغائبين والاراضي الفلسطينية المسروقة، حلولاً لا تلبي الحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة، وعلى أسرائيل وأمريكا بعد هذه العقود التأكد أن القضية الفلسطينية لن تعود للمربع الأول لكي، ترضي الأطراف الأخرى على حساب الشعب الفلسطيني الذي يهمش اليوم. فأية حلول أمريكية إسرائيلية بمشاركة إقليمية ولكي يعاد استعمال القضية “كقميص عثمان “ مرفوضة. ولعل ما نشرته القناة الثانية الإسرائيلية حول مشروع ترمب لحل القضية المعقدة، ما يشي بمقترحات غير السابقة باقامة الدولة الفلسطينية وفق حدود 1967.
يمكن قراءة ما قيل ويقال عن المشروع الأمريكي الجديد، أنه فاشل منذ البداية، لغموضه، بالإضافة فهو محاولات أمريكية قديمة جديدة يضاف اليها عنصر إقليمي مرفوض من الشعب الفلسطيني وهو التنازل عن الثوابت الوطنية لصالح الأمن الاسرائيلي بالدرجة الأولى، وثانياً لأن الفلسطينيين يرفضون الحلول المشبوهة التي تحاول بعض دول المنطقة التسابق لفرضها على الفلسطينيين كجزء من “صفقة القرن “ التي تلوح في الافق، وبغموض مقصود أيضاً لزيادة البلبلة وخلق التشاؤم واليأس من إمكانية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على أرضه….