سؤالي لك يا سيد البيت الأبيض، ماذا قلت لحائط البراق عندما زرت القدس للتعرف عليها قبل مدة قصيرة من الزمن بمعية العائلة وبتكريم خاص من نتنياهو؟ رأيتك آنذاك تطلب من المرافقين حولك وأنت تزور حائط البراق،” متعبدا “ أن يبتعدوا، ودسست ورقة في كوة في الحائط تحمل رسالة. ولم يكن صعباً تخمين ما فيها، واجزم أنها تعبر عن اخلاصك وتحيزك لاسرائيل، ووعدت أن ذلك سيتمثل في نقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس، وكما هي رغبة نتنياهو وحلم إسرائيل أن تصبح إسرائيل يوما عاصمة اسرائيل الابدية. وقفت هناك تبكي أم تضحك ؟ أم أنك تمثل على العالم أنك تفهم تاريخ وجغرافيا، وروحانيات، بالاضافة لمهنتك الأصلية التاجر الاغنى الذي بسط نفوذه في المنطقة بسبب المال، وليس” الحكم الرشيد”. والقيادة الكفؤة. ؟
سيد البيت الابيض، أنت لا تعرف القدس المدينة العربية الحية التي ظلت تحمل نفس، وروح اهلها العرب، الذين جعلوا منها المدينة، التي نراها اليوم محط أنظار العالم لخصوصيتها الدينية الاسلامية والمسيحية العربية، وثقافتها العربية المتأصلة بجذورها. أنت لا تعرف عن القدس إلا من زوج ابنتك كوشنر، وأهله، ونتنياهو، ورجال المال اليهود في أمريكا،، لكي تعلنوا القدس يهودية، وتكملوا سرقة ما تبقى من دورها وطرد سكانها العرب الاصليين.
سيد ترمب، أتعرف أن القدس ايها الرئيس، رحبت بالناس من جميع الأجناس والأعراق والأ ديان، وتعايشت الديانات من المسلميين والمسيحيين واليهود، ورحبت العائلات المقدسية بالوافدين للسكن في مدينتهم من مسلمي الهند وبخارى وفئات اخرى بينهم المغاربة الذين سميت (حارة المغاربة) باسمهم قبل مئات من السنين؛ ليجاوروا المسجد الاقصى. وهناك في القدس( حارة النصارى) من المسيحيين العرب، ويتوزع انتماؤهم الديني بين الطوائف المسيحية المختلفة. أما اليهود، فيسكنون في (حارة اليهود)، وقد أتى أكثرهم لمدينة القدس، بعد سقوط الاندلس عام 1492 هرباً من اضطهاد الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، وهم” السفرديم “ الذين يتكلمون مزيجاً من اللغة الاسبانية والعبرية. وقدم بعضهم للقدس من شرقي أوروبا ووسطها، ولم يزد عدد اليهود في القدس في بداية القرن التاسع عشر عن 2250 نسمة.
سيد ترمب، القدس عربية، منذ الأزل وهي عاصمة الدولة الفلسطينية التي سيقيمونها، سواء تفهمت التاريخ والجغرافيا أم لا تتفهم. أتعرف تضحيات الفلسطينيين في مسيرة حياتهم في القدس القديمة والحديثة التي تسمونها القدس الغربية وحاراتها وشوارعها منذ عصور، ثم في التاريخ الحديث ؟ لقد قاوموا ضد الغزاة والمحتلين بكل الوسائل، قبل وبعد معاهدات سايكس بيكو، وقبل وعد بلفور، وقبل أن عملت الصهيونية على اقامة اسرائيل، وقبل الاحتلال البغيض منذ النكبة.
معلومة اخرى أود أن تعرفها وتتذكرها، إن عدت ووقفت أمام حائط البراق، مرة أخرى، هي أن اليهود استفزوا المشاعر الاسلامية، كما هي استفزازاتهم المستمرة لليوم، استفزوها عام 1929 في عيد” الغفران “، عندما حاولوا الاستيلاء على حائط البراق، ووقع عدد من الشهداء دفاعاً عنه كجزء من المسجد الأقصى، ولعلك تعود لقراءة وحشية سلطات الانتداب البريطانية، التي كانت متحيّزة للصهيونية، فقد قامت باعدام ثلاثة شهداء في يونية 1930، وهم عطا الزير، ومحمد جمجوم، وفؤاد حجازي، اعتقلوا على اثر هبة البراق، مع مئات من المدافعين عن القدس، ولا تنس شهداء وأسرى فلسطين في الماضي والحاضر الذين يفدون ارواحهم.
إسرائيل يا سيد ترمب، مستمرة بالتنكيل بالقدس وأهل فلسطين، في نوع خاص من الاستعمار الجديد الذي يبتدعه نتنياهو، المدعوم منكم. وانت بتحيزك لليهود” مشان خاطر “ زوج ابنتك لا تقل سوءا عن نتنياهو العنصري، ولا تقل إجراماً بحق الفلسطينيين الذين يستشهدون من أجل القدس.. انت بتحقيق آمال اسرائيل العنصرية، ستسجل اسمك في التاريخ أنك تقوم بكارثة لأنك تسمح باعلان القدس عاصمة ابدية لاسرائيل، بدلا من عاصمة أبدية للفلسطينيين، ولا أظنكم ستنجحون، فالعالم كله ينتظر ما أنتم فاعلون !؟