صدر حديثاً عن دار السلوى للدراسات والنشر الطبعة الرابعة من كتاب «بنات عمان أيام زمان:ذاكرة المدرسة والطريق»، للكاتبة د. عايدة النجار، وتضمن الكتاب الذي يقع في (371) صفحة من القطع الكبير، مقدمة بقلم د. النجار جاء فيها: «للأمكنة منزلة خاصة لدي، والمدرسة هي إحدى هذه الأمكنة التي أحببتها منذ الطفولة كالبيت والوطن.
ظلت صورتها ومكانها الجغرافي محفورة في الذاكرة بلون زهري جميل، يبعث على السعادة، ولا أذكر أنني خفت من البعد عن الأهل وأنا في صفوفها الأولى، محاطة بأسوارها ومعلماتها بشكل يدفعني أن أكرهها كما الكثيرون في الطفولة.
أحببت مدرستي الأولى في فلسطين، (مدرسة المأمونية) الحكومية في باب الزاهرة في القدس، وتعملت فك الحرف (راس روس، دار دور) قبل النكبة عام (1948). تعلمت فيها القراءة والكتابة والحساب ودروساً أخرى، المنهج الذي وضعه المربي الفلسطيني الوطني تحت الإنتداب البريطاني خليل السكاكيني».
كما نقرأ «قضيت في مدرستي الإبتدائية بضع سنوات، قبل الهجرة وعشت في صفوفها مع زميلات وصديقات الطفولة، في عمر تكونت فيه شخصيتي التي كانت تتشكل ليصبح لها هوية وخصوصية كما أية شخصية أخرى على مقاعد الدراسة. أحببت معلماتي وشعرت أنهن في منزلة أفراد العائلة. وقد تركن في نفسي شعوراً دائماً بالحنين للمدرسة، وفي ذلك الوطن الذي ظل في الوجدان، كما بنات الصف من مرحلة الطفولة. وقد ظلت صورة بعض الوجوه قوية في المخيلة، دون الرجوع إلى الصور الفتوغرافية التي التقطت لنا كتذكار في المدرسة. فتلك الصور الثمينة أعدمت هناك في بيتنا العتيق تحت الاحتلال الاسرائيلي، وقد سرقت مع البيت بكل ما فيه من جذور راسخة وتاريخ طويل بعد النكبة».
ويشكل الكتاب محاولة لاسترجاع ذاكرة المكان، المدرسة والطريق إليها في عمان في عقد من الزمن من القرن العشرين. كما هو استذكار علاقة ناسها وبنات المدرسة مع بعض والمجتمع ومع الرجل، سواء أكان الأب أو الأخ أو المسؤول أو الزميل الطالب، الذي يتلقى تعليمه على مقاعد منفصلة عن البنات بسبب عدم وجود مدارس مختطلة للجنسين في المدارس الحكومية. كما يسرد الكتاب العوامل النفسية الشخصية والعامة التي عاشها ذلك الجيل في مرحلة التغيّر الإجتماعي.
هذا الكتاب هو ذاكرة «جيل شاب» كانت المؤلفة أحد أفراده. وقد تشكلت شخصيتها بفضل عوامل اجتماعية وثقافية، اقتصادية وسياسية لها خصوصية عاشها في عقد الخمسينيات من القرن الماضي.
بنات عمان، وإن كن الأبرز «كبطل» لتلك الحقبة، إلا أنهن يمثلن جزءاً من شريحة من الناس من رجال ونساء في مجتمع أيام زمان».
أمل نصير