حملت الصحافة الفلسطينية لواء التصدي للمخططات الصهيونية خلال الفترة «1900 – 1948» وهي الفترة التي حددتها الدكتورة عايدة النجار لدراستها التي وضعتها في كتاب تحت عنوان «صحافة فلسطين والحركة الوطنية في نصف قرن».

وكانت الصحافة الفلسطينية انشئت في مطلع القرن العشرين وبعد اعلان الدستور العثماني في عام 1908 الذي سمح للتعبير عن حرية الرأي بشكل نسبي حسب ما جاء في كتاب الدكتورة النجار الذي صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.

ومن اوائل الصحف الفلسطينية كما يشير الكتاب صدرت جريدتان رائدتان هامتان هما الكرمل عام 1909 وفلسطين عام 1911. حملت لواء التصدي وفضح المخططات الصهيونية في فلسطين ونبهت العرب الى هذا الخطر. وكانت صحف مصر ودمشق وبيروت تنقل عنها الاخبار.

وتبين الكاتبة ان الصحافة الفلسطينية التي نمت وتطورت تحت الانتداب البريطاني استمرت بلعب دور وطني سجلت على صفحاتها الاحداث وعكست دور العمال والفلاحين والمثقفين والصحافيين في تحدي سلطات الانتداب والحركة الصهيونية وعملت على توثيق النضال الفلسطيني الذي كان يدافع عن ارضه امام عدو قوي منظم ومدعوم من بريطانيا.

وانعكس ذلك التوجه كما تقول على الصحافة الفلسطينية من خلال تمجيد ثورات 1920 وهبة البراق 1929 وثورة القسام 1935 ثم الثورة الفلسطينية الكبرى 1936- 1939 وتعتبر الكاتبه بدراستها هذه ان الصحافة الفلسطينية كانت وثيقة هامة لتلك المرحلة التاريخية ولعبت دورا ايجابيا في رسالتها الوطنية التي عبرت عن التزام الاحزاب السياسية وصحافتها والتي كانت موحدة.

واعتمدت الدكتورة النجار في دراستها على مصادر مهمة حصلت عليها من المتحف الوطني في لندن مثل الوثائق البريطانية المنشورة وغير المنشورة والكتب الرسمية وتقارير لجان التحقيق المختلفة وتقارير مكتب المطبوعات المتعلقة بالصحافة وقوانينها والجرائد الرسمية اضافة الى اطلاعها على المجلات والصحف الفلسطينية والدوريات العربية الصادرة في فترة الانتداب.
وساعدت تلك المصادر على القاء المزيد من الاضواء على علاقة بريطانيا مع العرب وصحافتهم وقرائها الرافضين للاستعمار بالاضافة الى دراسة علاقة بريطانيا مع الحركة الصهيونية المتحيزة لها ولرجالها وصحافتها.

ويبرز الكتاب نشأة الصحافة الفلسطينية وتطورها ودورها وحراكها بشكل مواز للحركة الوطنية والمواقف التي اتخذتها الصحافة خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين حيث كان للصحافة دورها الوطني الهام الذي انطلق وتنامى مع تطور النضال الفلسطيني الذي تحدى سلطات الانتداب والحركة الصهيونية.
وتقول الكاتبة «ان سلطات الانتداب تنبهت لقوة الصحافة واعتبرتها اداة تحريض للشعب لذلك وضعت قوانين صارمة لقمع حرية التعبير».

وتسجل تعاطف الصحافة مع المعتقلين ومن بينهم الصحفيون والكتاب والزعامات السياسية والعمال والفلاحون والموظفون وغيرهم من طبقات الشعب حتى اصبحت الصحافة الفلسطينية مصدرا للمعلومات واخبار الثورة ونشر صور المعتقلين ومعاناتهم وتعذيبهم التي كانت تفضحها الصحافة الوطنية والعربية والادباء الذين كانوا يمجدون المعتقلين ودورهم النضالي.

وكان للصحافة الادبية في فلسطين دور نشط اذ استطاعت ان تقوم بدور الصحافة السياسية عندما ضعفت بسبب ظروف الحرب غير المستقرة وامتازت بالنضج الفني واللغوي وبرز عدد من الادباء الذين كانوا يكتبون ايضا في السياسة ويوظفون المجلات الادبية في نشر ارائهم السياسية.. وصدر خلال فترة الانتداب البريطاني 29 مجلة ادبية ابرزها النفائس العصرية وزهرة الجميل والاخلاق والمطرقة والفجر.

كما نشأت في فلسطين صحافة اقتصادية ومنها مجلة الاقتصاديات العربية اضافة الى الصحافة العمالية وصحافة الشباب القروي والتي كانت جميعها تبث روح الوعي القومي لدى الشباب وفئات المجتمع الاخرى.

ومن بين فصول الكتاب التسعة يظهر الفصل الثامن دور الاذاعة الفلسطينية في محاولة الوصول لاوسع شريحة من الناس اضافة الى دور المثقفين والادباء والسياسيين في البرامج الثقافية في مرحلة الركود السياسي.

وتناولت الكاتبة المراحل التي مرت بها الصحافة الفلسطينية حتى عام 1948 حيث انتهى دورها وتشردت بعد النكبة مع شعبها.

حازم الخالدي

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment