البنت الشلبية أو البنت الجميلة، قصص وحكايات تختزل الزمن، وتسرد قصة العلاقة الأبدية بين الروح والمكان. والمكان هنا القدس الحبيبة، تلك المدينة الضاربة في عمق وجداننا، حيث مزجت بنت القدس الشلبية بين الوجد على الأيام الخوالي وسيرة الورود التي استنشقت عبق الحضارات على شرفات لا تزال تحمل ذكريات الوجع والألم هناك، وبين سيرتها التي رصدت صور نضوج العمر على مرافئ الطرق ووعورتها.

تلك إذا هي رواية الحياة وملامح الجمال في سراديبها التي طمست يد الغدر وجهها، لكن أسرارها لا تزال تتدافع في ذاكرة البنات الشلبيات، وروايات الجدات على اطراف الليل لكي تنقلنا لوسائد الحلم ونقرأ مفاصل الغيب الذي غاب الا في الأحلام.

وتقول الكاتبة في مقدمة روايتها لمفاصل الحياة في القدس المشفوعة بصور تجعل المتصفح للكتاب يعيش اللحظة ويحج مع حجيج الله الى تلك المدينة : «للقدس مكانة خاصة في التاريخ, وعلى مر العصور, ولها منزلة في الوجدان ليس لأهلها الفلسطينيين فحسب بل للكثيرين من أتباع الديانات السماوية في العالم الذين حجوا إليها أو بقوا فيها, أو كتبوا عنها. وللقدس مكانة خاصة لمن ولد فيها من «المقادسة» أو زارها أو تعلم في مدارسها أو تجول في شوارعها ورسم صوراً دائمة للمكان وناسه في الذاكرة.»

الكتاب الذي يسلط الضوء على ما أصاب الوطن من قتل للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية يقدم دراسة وثائقية تأريخية للقدس، انطلاقا من هاجس البرهنة على عروبتها، ودحض الخطاب الصهيوني المزوّر والحكاية الصهيونية الزائفة.

يقول الكاتب رشاد أبوشاور حول رواية البنت الشلبية ومدينتها: «قرأت الكتاب كما لو أنني أقرأ رواية استجابة لخطة الكاتبة الراوية وأسلوبها السردي: تبدو المدينة العتيقة داخل الأسوار سعيدة بحملها، فقد ظلت تحمل ذاكرة من ولد فيها، أو زارها في رحلة استشراق، او رحلة سياحية، أو حج ديني، أو من سمع عنها من الناس، أو بمن سجّل خصوصيتها في التاريخ»، مضيفا ان عايدة النجار لا تكتب قصيدة شعرية تتغنى بالمكان وتأسو لما جرى له، فإنها تروي الحياة بجمالها، ومفارقاتها، وغناها، ومأساويتها وواقعها الحي الملموس والمشاهد، وما تفعله يد الخراب التي تعبث به، وتحاول طمس وتبديل ملامحه، وما تقترفه لاقتلاع أهله، مشيرا إلى أنه مع «البنت الشلبية» نتجول عبر فصول الكتاب وصفحاته في القدس المعاصرة؛ في أحيائها؛ بين ناسها؛ في حمامتها، حيث نتعرف إلى تقاليد أهلها؛ نتوقف عند الصراعات السياسية بين عائلاتها، وكأن د.النجار تحمل كاميرا، وتنتقل بنا مع عينها، وتركز على مشاهد ومواقع وأحداث، ما يشد القارئ وينشئ معه ألفة.

د.حلمي ساري قال ان د. عايدة النجار قد وفقت من خلال عملها على وصف القدس ومكانتها عندها، بوصفها مقدسية، وذلك من خلال تناولها تفاصيل الحياة اليومية في هذا المكان الذي لا تزال ذاكرتها ندية بذكرياته رغم بعدها عنها منذ زمن ليس بالقصير. فما تكاد تستذكر حدثا أو واقعة أو مناسبة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو فنية وقعت في ذلك المكان، سواء معها أو مع غيرها، حتى تقفز إلى ذاكرتها تفاصيل ذاك الحدث فتسترجعه كأنه حصل البارحة.

يذكر أن د. النجار حاصلة على درجة الدكتوراه (1975) في (وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري – والسياسة). ماجستير صحافة وتنمية جامعة كانساس الولايات المتحدة. عملت في برنامج الأمم المتحدة للتنمية على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي (نيويورك, روما, اليمن, ثم خبيرة وباحثة (مستقلة) مع مؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة في القضايا الإعلامية والاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية.

لها العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات المنشورة في المجلات المتخصصة والصحف, وأوراق عمل لمؤتمرات محلية إقليمية ودولية. تكتب عمودا صحفيا في جريدة الدستور الأردنية.
صدر لها كتاب, (صحافة فلسطين والحركة الوطنية في نصف قرن – 1900 – 1948) المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت2005. حاز الكتاب على جائزة أفضل كتاب عربي في مسابقة (الأيام) الصحافية (البحرين) المصاحبة (لمهرجان الأيام الثقافي الثالث عشر). كما حاز الكتاب على جائزة جامعة فيلادلفيا (الأردن) لأحسن كتاب في العلوم الإنسانية للعام .2005 وحاز على شهادة تقدير من وزارة الثقافة الأردنية. كما صدر لها «بنان عمان أيام زمان», وحديثا كتاب «القدس والبنت الشلبية» .

 أحمد الطراونة

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment