الكتاب: «القدس والبنت الشلبية»
الكاتبة: د.عايدة النجار
دار النشر: السلوى للدراسات والنشر/ عمان 2011.
عدد الصفحات: 375 صفحة
تصحب د.عايدة النجار القارئ في تطواف باناورامي بصري محكي عبر فصول كتابها الأربعة عشر، تستعيد فيها تفاصيل الحياة المقدسية، كما عاشتها، وكما عرفت هي نفسها مدينة القدس، التي احتضنت صرختها الأولى، حيث طفولتها الأولى في بيت حجري أبيض «مسمسم» تحيط به أشجار التين والزيتون.
يدهش قارئ الكتاب تلك الذاكرة الحية للكاتبة، التي جمعت في كتابها بين الصورة بوصفها وثيقة جنبا إلى جنب مع المعلومة، وقد جاء إهداء كتابها إلى «روح أمي التي علمتني الحب والاحترام. إلى بنات ورجال فلسطين في القدس وكل المدن والقرى وأينما وجدوا في الشتات، إلى القدس «المكان» الذي يسكن في عيون وقلوب من أحبوها لتبقى «زهرة المدائن» التي يغني لها الناس غي أنحاء المعمورة».
لم تترك المؤلفة شاردة أو واردة في الحياة إلا وقد أثبتتها، وجاءت عناوين فصولها التي ناقشت مواضيع كثيرة في كل منها كالتالي: القدس/ مدينة لها خصوصيتها، قصور وأمكنة لها ذاكرة، نباتات متجذرة في التراث، تكلمل المدينة والقرية، البنت الشلبية، العلم جمال، أفراح وأحزان المدينة، نساء متطوعات، ثوب القروية الشلبية، صحافة قوية، حجاب بنات القدس أيام زمان، القدس ترحب ببنات فلسطين، أديبات ومبدعات من فلسطين، نساء وسياسية.
يعد الكتاب شهادة حية توثق لمباني القدس وقصورها وأمكنة الذاكرة مثل قصر المفتي والنشاشيبي والفنادق ومكتبات المثقفين والمباني الضخمة مروراً بالنباتات المتجذرة في التراث كالزرزور والحنون البري، أضف إلى ذلك حكايا التراث ومواسم الحصاد والبيوت الريفية وأفران خبز المدينة وبساتين الموز أبو نملة وأحاديث الغجر، كما تفرد النجار مساحة لنساء القدس ودورهن في نهضة البلاد مثل داية الحارة وأطباء وطبيبات ودراسة الأولاد والبنات والأمهات الرائدات والصغيرات, والمحبوبة السمراء والنساء المتطوعات في الجمعيات الخيرية وتعليم البنات الخياطة وموضة الفستان والبرنيطة والأثواب والأقمشة وأسماء محال بيع الأقمشة.
يكشف الفصل المعنون بـ»البنت الشلبية»، حياة المرأة الفلسطينية بعامة ?والمقدسية بخاصة- منذ طفولة البنت والعادات والتقاليد والبيئة التي نشأت فيها، مرورا بدور المرأة الفلسطينية في العمل الاجتماعي الخيري، ودورها في الحياة السياسية والثقافية والأدبية والصحافية مع ذكر أسماء الرائدات والمبدعات وأعمالهن، ونشر صورهن أيضا.
تتحدث الكاتبة عن افتخار أهل القدس «بالكلية العربية» الأشهر بين المؤسسات التعليمية العربية التي تأسست عام 1918-1919 كدار للمعلمين بجهد المثقفين الفلسطينيين, والتي أصبح اسمها عام 1928 «الكلية العربية الحكومية» التي كانت من أهم المؤسسات التعليمية ليس في فلسطين فقط ولكن في كل العالم العربي حتى عام 1948. كما كان في القدس العديد من المدارس لتعليم البنات مثل مدرسة السالزيان ومدرسة شميت, وأيضاً كان للمرأة القروية نصيب من التعليم حيث نشطت القرى بإنشاء مدارس البنات بمساهمة أهل كل قرية وكان هذا في منتصف الأربعينيات.
وكان للمرأة الفلسطينية حسب المؤلفة نصيب في ريادة الصحافة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي مثل: ماري صروف شحادة, وساذج نصار التي أسست زاوية في الكرمل سمّتها «صحيفة النساء» عالجت فيها فيها الموضوعات السياسية والاجتماعية وقضايا المرأة بأقلام النساء و الرجال على حد سواء.
ومن الأديبات كلثوم عودة التي ترجمت العديد من المؤلفات من الروسية للعربية وبالعكس ومن الذين كتبت أو ترجمت لهم العلامة المستعرب كراتشكوفسكي ومن الدول العربية توفيق الحكيم, وجبران خليل جبران. ومن مدينة الناصرة الأديبة ميّ زيادة البنت السمراء الشلبية, التي عرفها المثقفون اثر افتتاحها الصالون الأدبي في القاهرة والذي جذب أبرز المثقفين مثل عباس محمود العقاد وطه حسين. ومن نابلس الشاعرة فدوى طوقان, التي كانت تنظم الشعر منذ نعومة أظافرها. وتكمل الكاتبة وصفها لما كانت القدس عليه.. من اهتمام أهل القدس بالموسيقى وتعلم أولادهم وبناتهم فنونها في المدارس.
ويكشف الكتاب سعة إطلاع الكاتبة النجار، ودقتها في التوثيق، مستعينة بالمراجع والكتب والدراسات والوثائق والأوراق الشخصية الخاصة غير المنشورة, ناهيك عن استخدامها للتاريخ الشفوي عبر العددي من اللقاءات المباشرة والموثقة مع أهل القدس وبناتها، كما يسجل للكتابة عناء التوثيق عبر الصور الفوتوغرافية، والتي تعد قيمة مضافة للكتاب من الناحية التوثيقية، وليس الجمالية فحسب، خصوصا في ظل صعوبة الحصول عليها وندرتها بسبب ضياع ممتلكات العائلات الفلسطينية في رحلة الشتات التي لم يتمكن الفلسطينيون من حملها، ومن بينها صور تنشر للمرة الأولى.
يذكر أن الدكتورة عايدة النجار باحثة وكاتبة في القضايا السياسية والاجتماعية والإعلامية ولها العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات قد نشرت في المجلات المتخصصة والصحف المحلية والعربية والعديد من الكتب والمؤلفات والنشاطات والعضويات.
ندوة عن كتاب (البنت الشلبية) لعايدة النجار
-ينظم منتدى الفِكْرِ العربـيّ ضـمن سلسلة نـادي الكتاب (لعام 2011) في السادسة والنصف من مساء اليوم الثلاثاء، قراءة نقديّة في كتاب «القدس.. والبنت الشّلبيّة». لمؤلفته الدّكتورة عايدة النّجار .
يتحدث في اللقاء استاذ النقد، مدير مكتبة الجامعة الأردنية الدّكتور إبراهيم السعافين، يدير اللّقاء امين عام المنتدى بالوكالة د.فايز خصاونة أمين عام المنتدى، بقاعة الحسن بن طلال، الجبيهة بين الجـمعيّة العلميّـة الملكيّة والمَرْكَز الجغرافيّ الملكيّ.
سميرة عوض