بالرغم من إعلان كيري قبل عودته لواشنطن أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وافقا على استئناف المفاوضات بعد توقف منذ 2010 , فهذا لا يعني أنه نجح في مهمته.
المراقب لتحركات كيري المكوكية التي قام بها يلاحظ مدى التعقيدات التي ما زالت تعكر العملية، فالعقبات ما زالت كبيرة لأن المتطلبات لبدء المفاوضات ما زالت تفتقد عناصر مهمة وهي تشي بالفشل، فمن المعلومات غير السرية التي نشرت أثناء زيارات كيري يتبين أن إسرائيل ما زالت ترفض قبول حل الدولتين على حدود 1967 وإلا لأعلن عن ذلك بصراحة .
هذا الشرط هو أحد الشروط الفلسطينية منذ أن توقفت المفاوضات التي دامت عشرين عاما، بالاضافة إلى أننا لم نسمع أن إسرائيل مستعدة للالتزام بمرجعيات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، أما العقبة الكبرى فهي أن إسرائيل ما زالت حتى اليوم تقوم بتحدياتها المتواصلة بإقامة مئات المستوطنات وتوسيع رقع الأراضي الفلسطينية التي تستولي عليها بشكل مستمر، وهذا بحد ذاته يشير ويكشف عن أهداف إسرائيل بوضع المزيد من العراقيل أمام إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة .
قامت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا وأثناء وجود كيري في المنطقة بمنح رخص لبناء 2500 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بالاضافة لذلك صادق وزير الدفاع الاسرائيلي على مئات من المخططات لمستوطنات جديدة.
مثلُ هذه الممارسات تعزز بقاء الاستيطان عقبة كبيرة لن يتمكن كيري من تذليلها قبل أو أثناء أو بعد المفاوضات، بخاصة أن أمريكا تعرف مدى تلاعب إسرائيل في هذا الملف بالاضافة لتشجيع أمريكا نفسها للاستيطان الذي تموّله من جيوب دافعي الضرائب في بلدهم .
قبلت إسرائيل الافراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين على أربع مراحل لمدة تسعة أشهر. وكالعادة فهي تظهر خبث النوايا وليس حسنها وهي تطلق سراح الأسرى ممن تبقى لهم المدة القليلة لإنهاء المحكومية عليهم وهي تمانع من اطلاق سراح الاسرى القدامى، وهذا خداع للرأي العام العالمي والايهام أنها حريصة على عملية السلام. لا يتوقع أحد أن تغير إسرائيل رأيها فيما يتعلق بالقدس بخاصة ونحن نرى يوميا الاستفزازات اليهودية بالدخول لباحات الحرم القدسي وتدنيسه، بالإضافة لمواصلتها الحفريات تحت الحرم من أجل تقويضه وبناء الهيكل المزعوم مكانه .
هناك أيضا الفلسطينيون الذين لا يؤيدون بدء المفاوضات دون ضمانات مكتوبة, وهناك الاسرائيليون المعارضون لإقامة دولة فلسطينية ووقف الاستيطان، المطلوب من أمريكا لكي تنجح بسياستها لحل القضية الفلسطينية ليس ارسال كيري لجلب الطرفين الى وشنطن للحوار المتوقع فشله، ولكن المطلوب دعم إقامة الدولة الفلسطينية بحل العقبات حلا عادلا واحترام القوانين الشرعية والا ستظل تكرر سياستها المتحيزة التي فقدت مصداقيتها لدى الأجيال الفلسطينية التي تعاني من احتلال إسرائيل وأطماعها التي لا مثيل لها في التاريخ!