المناضلة السيدة عصام عبد الهادي ترحل في أحد أيام العيد لتضيف الى تواريخ حياتها تاريخا جديدا غير محبب هذه المرة . الحزن كان كبيرا ممن عرفها أو عرف عن حياتها حتى هذا اليوم. رحلت عصام وهي حزينة أيضا لأن أحلامها باقامة دولة فلسطينية لم تتحقق في حياتها . تركت صوتها الجهوري العالي ولهجة بلدة طولكرم التي استوطنت بها وهي تحملها معها الى نابلس .
تركتها لابنتها د. فيحاء التي تمسك القلم لتواصل طريق أمها التي رافقتها عندما تعرضتا للتعذيب في السجن ثم ابعدتا عن الوطن عام 1969. رحلت عصام الانسانة الوطنية المخلصة ولن تسجل تاريخا جديدا لنضالها الذي كان مستمرا منذ أن كانت طالبة في مدرسة العائشية في نابلس ومن ثم في مدرسة الفرندز في رام اللة 1947 . فالتواريخ التي سجلت اسمها وعملها كثيرة .
عرفتها عام 1975وقد حضرت ( مؤتمر المرأة العالمي الأول في المكسيك ) الذي دعت اليه الأمم المتحدة وكنت أدرس لمرحلة الدكتوراة في أمريكا . كانت عصام عبد الهادي تترأس الوفد الفلسطيني المشارك .أعجبت بصوتها الجهوري ووقفتها على المنصة لترفع الصوت مع المؤيدين للقضية الفلسطينية “ مساواة الصهيونية بالعنصرية “ الذي سجل في البيان الختامي . كانت السيدة مسلحة بالعلم والعمل قبل وصولها لتلك المنصة العالمية ، فقد انتخبت رئيسة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965 في مؤتمره التأسيسي الأول الذي عقد في القدس وكانت العضو النسائي الوحيد في المجلس المركزي الفلسطيني حتى عام 1974 وغير ذلك من التواريخ والنشاطات .
اليوم تبكيها صديقاتها وزميلاتها في العمل النسائي والوطني وتقول سلوى أبو خضرا : “ مواقفها الوطنية وإخلاصها للقضية الفلسطينية بشكل عام وليس فقط لقضايا المرأة ستظل تشهد على نشاط امرأة فلسطينية وطنية ملتزمة في حقوق الانسان “. وتقول القيادية النسائية والوزيرة السابقة انتصار الوزير” أم جهاد “ : “إن عصام كانت وستظل مثلا مضيئا في تاريخ المرأة الفلسطينية والعمل الوطني الصلب. وستترك فراغا كبيرا . “ وتضيف الأديبة والشاعرة ميّ الصايغ : “ لم أر في حياتي ألسن منها ولا أسرع في السرد الوطني وبلغة الكتابة الوطنية والخطابة الشفوية منها ، كانت رحمها الله صديقة القريب والبعيد .”
مثل هذه الشهادات تؤكد بأن عصام عبدالهادي ليست اسما فقط ، بل مرجعا وتاريخا ساطعا ليس لذاتها ، بل للمرأة الفلسطينية ونضالها تحت احتلال لئيم . فوداعا وعلى روحك الطيبة الرحمة . !