على جبل القلعة التاريخي في عمان و تحت نجوم عالية لا تكاد تراها بالعين المجردة الا واحدة متحركة قد تكون” صحن تجسس “ يتجول في المنطقة، سهرت مع أوركسترا( فلسطين للشباب وأعضاء أوركسترا عمان السيمفونية ). غص المدرج بالناس في أعلا الجبل هاربين من أجهزة التلفاز والاخبار للعيش مع النغم “ولتطريّة “ العواطف الأخذة بالتصلب مع شرايين القلب في لجة الأحداث السياسية الكثيرة والمتلاحقة وتهديدات أوباما بضربة لسوريا التي أفزعت العالم من وقاحة أمريكا وشريكتها إسرائيل . ولا شك أن للموسيقى فعل السحر على الأعصاب لأنها تخترق الأحاسيس والعواطف كعلاج أو هروب لعالم جميل أكثر انسانية من منظر الدماء وقتل الأطفال الأبرياء .
الموقع أى- جبل القلعة – التي تقدم علية النشاطات الثقافية في موسم الصيف من كل عام يعود بنا الى العصر الأموي أي القرن السابع الميلادي أي عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك سادس خلفاء الراشدين حيث لا تزال الأثار شاهدة على ذلك . يعود بنا أيضا الى عصور من مروا به مثل العصر الروماني الذي ظلت أعمدة معبد هيرقل شاهدة عليه ولتدل على عراقة الجبل الذي يرتفع 135 مترا عن سطح البحر ويطل على مدينة عمان الحديثة التي تزداد جمالا كل يوم وهي تحافظ على الماضي الذي يتجمل بالحاضر . تتداخل التكنولوجيا الحديثة ببناء المسرح المفتوح على الجبال الشعبية ومنها جبل الجوفة المتلألئة أضواؤها لتشكل لوحة فنية أخّاذة تتلاحم مع الموسيقى لتأخذك للسماء . هذا المكان المميز عنوان هام وضروري ّ لجذب السيّاح وحمل ذاكرة مكان جميل في عمان.
صدحت الموسيقى على الجبل بحضور فرقة”موسيقى الشباب “ من معهد ادوارد سعيد للموسيقى الذي تأسس عام 1993 في القدس تحت مظلة جامعة بير زيت وله فروع في رام اللة وبيت لحم . صفق الحضور ومنهم من يقول “ برافو “ للشباب والاطفال الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم الخمس سنين . جمع متحمس من جيل المستقبل من بنات وأولاد . هذا المعهد يدل على إصرار الفلسطينيين على حب الحياة بالموسيقى وبخاصة والشباب يعزفون مقطوعات موسيقية وسيمفونيات عالمية رغم قساوة الحياة تحت الاحتلال والقهر الذي لم يحبطهم وهم سائرون الى مستقبل يحلمون أن يكون حرا من المحتل والمستعمر الجديد الذي يلوّح بالحروب في كل بلدان الربيع العربي الذي يريد أعداء الحرية قتله .
المهرجانات الفنية والغنائية التي شهدتها جرش وجبل القلعة هذا الصيف , تعتبر ظاهرة حضارية ودفعا للمضي في مواجهة التحديات والحروب في المنطقة بالاضافة الى أهميتها الاقتصادية كدخل . ولعل المتزمتين الذين لا يرون في الموسيقى وفرح الشباب حياة جميلة يجربون حضور إحدى هذه الحفلات التي تلهب الجماهير وتجدد مشاعرهم الوطنية مثل محمد عساف وهو “يلوّح بالكوفية “ ويبتسم للمستقبل ومارسيل خليفة وفرقة الميادين التي يجدد فيها حب الأوطان والجمال الانساني . الموسيقى إكسير الحياة ولا بد من أخذها بأكثر جدية لتصبح مساقا هاما وضروريا في المدارس منذ الصغر لتحافظ على نغم الحياة الجميل في مراحل العمر المختلفة في كل الأمكنة .