لا يخفى على أحد من العرب والمسلمين ولا المسيحيين في العالم أهمية مدينة القدس كمدينة مميزة لها خصوصيتها في التاريخ والجغرافيا والحضارة الاسلامية والمسيحية والعلمية..ففيها معابد وزوايا دينية وصروح عمرانية ومدارس وقصور وأضرحة وأحياء سكنية وأحد عشر سورا يحمي القدس العتيقة . وقد مر بها الرومانيون والأمويون والصليبيون والايوبيون والمملوكيون والعثمانيون.
وللمدينة القديمة أسوار لها أحد عشر بابا. وسيتنشق من يدخل المدينة المسورة عبق التاريخ والارث الحضاري الاسلامي الذي يبدو واضحا في هوية القدس العربية . ولعل ما تحتويه من الديانات السماوية ما يجعلها مميزة ولها منزلة عالمية ففيها المسجد الاقصى وكنيسة القيامة التي يحج لها الناس من جميع أنحاء العالم . الا أن إسرائيل تحاول استعمار القدس لتكون مدينتها الابدية منذ احتلت القدس الشرقية عام 1967 حيث كانت موضوعة تحت السيادة الاردنية منذ حرب 1948. وكان المفهوم ان وضع القدس سيظل أمرا يتم القرار النهائي فيه للمنظمة الدولية وباجماع دولي . إسرائيل تريد القدس لها وحدها دون حق بناء على خرافات تلمودية كاذبة .
رغم هذه الحقائق فإسرائيل تقوم بتنفيذ أهدافها الاستيطانية الاستعمارية , إذ ضربت بالقوانين الدولية عرض الحائط وأعلنت عام 1980 قانونا جائرا أن القدس العاصمة الابدية للدولة اليهودية . وبهذا التاريخ أيضا تم ادراج القدس القديمة على لائحة التراث العالمي وعام 1982 على لائحة التراث المعرض للخطر. ومنذ احتلال القدس الشرقية وإسرائيل تحاول تنفيذ مخططها الصهيوني العنصري وقد بنت الجدار العنصري حول القدس لتعزلها عن محيطها الطبيعي وخوفا من قيام الدولة الفلسطينية.
رفعت إسرائيل وتيرة استعمارها في السنين الأخيرة وقامت بممارسات غير قانونية ولا انسانية ضد المكان والانسان الفلسطيني. استولت على البيوت وطردت الناس منها الى خارج المدينة أو خارج فلسطين , هدمت البيوت أو الحارات وكما فعلت بحارة المغاربة للتمكن من الوصول للحرم الشريف أو كنيسة القيامة للمسيحيين العرب القاطنين في الضفة الغربية . بالاضافة فإن اعتداء موجات من القطيع اليهودي الذي يرقص في ساحات الحرم تحت نظر المسؤولين الاسرائيليين ويرفع العلم عليه لهو استفزاز ينذر بانتفاضة تخيف إسرائيل ولكن لم توقفها عن انتهاكاتها المتواصلة.
تنوي اسرائيل تقسيم الحرم القدسي بين المسلميين واليهود كما فعلت في الحرم الابراهيمي في الخليل . . ولعل ما قام به الاردن وفلسطين مؤخرا من دعوة الأمم المتحدة للتصدي للانتهاكات الاسرائيلية في اجتماع المجلس التنفيذي لليونسكو في جلسته رقم 192 دليل على حث المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه القدس وضرورة الحفاظ على هويتها العربية الاسلامية . كما هو حثّ للعرب وللمؤسسات الاسلامية للتحرك لانقاذ القدس .
إن أهداف إسرائيل اصبحت معروفة للعالم وهي تهويد القدس وهدم الحرم الشريف الذي يهدده خطر الهدم لتبني إسرائيل الهيكل المزعوم على أنقاضه . فاسرائيل تعرقل بشكل مستمر لجنة اعمار القدس ورعاية الاوقاف الأردنية من القيام بعملها لترميم الاماكن الدينية والحفاظ عليها والدفاع عن اهل القدس من مسلمين ومسيحيين ومحاولة وقف تهجير سكان القدس المستمرة .
لقد آن الاوان أن يقف العرب والمسلمون وقفة قوية ويواصلوا تنفيذ قرارات اليونسكو التي اتخذت مؤخرا في هذا المضمار لحماية المدينة وتراثها وهويتها وتاريخها . ولعل حملة عالمية واسعة من العرب والمسلمين تعمل بشكل جاد ومكثف يساهم في ايقاف هذا الاعتداء الصارخ ليس فقط على الاماكن الدينية الاسلامية والمسيحية بل أيضا على التراث العالمي الغني في القدس. فلا بد من تشكيل لجنة خاصة لتنفيذ قرارات اليونسكو الايجابية وإلا وكما السابق ستظل القرارات في المخازن المظلمة بينما إسرائيل تواصل خططها واستفزازاتها غير الانسانية . فهل من عمل جديد نراه قريبا؟ هذا هو السؤال؟ .!!