ماذا يعني تشجيع» اتخاذ القرار « الذي دعا اليه رئيس الحكومة عبد الله النسور في (منتدى القيادات الحكومية ) الذي أطلق مؤخرا .؟ لا بد أن الرئيس شعر منذ وصوله لمركزه أو مسؤولياته , عن مشكلة تعيق سير العمل الحكومي . بالاضافة لما لديه من معلومات وخبرة وقد عمل موظفا حكوميا في أكثر عمره الوظيفي حتى وصل لمركزه الحالي . يعرف من هم مثلي الذين عملوا في المؤسسات الحكومية أنها كانت ولا زالت تعاني من بطء الانجاز لأسباب كثيرة منها اتخاذ القرار أو عدم اتخاذه وعلى عدة مستويات . . الا أن الموضوعية تقتضي القول وعن تجربة أن بعض هذه المؤسسات قد صلح حالها وتغير للأحسن في اتقان العمل وسرعة الانجاز مثل دائرة الجوازات العامة التي تنجز تجديد الوثيقة في زمن قصير لا يقاس بالماضي . وقد يكون السبب استعمال التكنولوجيا الحديثة السريعة للرجوع للمعلومات الأساس بالاضافة لكفاءة الموظفين وتمكينهم للقيام بالعمل .
وضع رئيس الحكومة أصبعه على الجرح الذي يعاني منه المواطنون من الادارات الحكومية , وهو التلكؤ بانجاز المعاملات لعدة أسباب احداها الخوف من» اتخاذ القرار» . بلا شك , -عانى « الوزير الأول « كما يسميه إخواننا في المغرب العربي – من ذلك نفسه في « حكومته الأولى « . أخذ الرئيس عن قصد أو غير قصد وقته في تشكيل الحكومة لتكون كما رأى وفق «عملية ديمقراطية « شارك فيها مجلس النواب ومن انتخبهم في أنحاء المملكة . التلكؤ بتشكيل الحكومة وما صحبه من إشاعات ومجادلات كانت بسبب عدم اتخاذ القرار بمدة أقصر ولحين اقتناعه شخصيا كما غيره باتخاذ القرار . التجربة بحد ذاتها منحته قوة في تجربته الجديدة التي يبدو فيها أكثر» جرأة « من قبل وبخاصة وهو يتخذ القرارات الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن , مثل رفع أسعار الكهرباء والماء , فقد تجاوزت ثقته بما يقوم به حتى اقترب من الخط الأحمر « الخبز « ولكنه كما يبدو من نوع القيادة التي يمارسها فهو لا يزال يدرس .. ويدرس قبل اتخاذ أو عدم اتخاذ قرار جرئ ولكن غير صحيح. !
اتخاذ القرارات علم وفن ودراسة وتمكين وقوة وتجربة . هذه الصفات او القدرات لا تأتي في زمننا الحالي الا بالعلم والعمل والتجربة وبوضع « الانسان المناسب في المكان المناسب « واللحاق بما يجري في العالم المتقدم . وكان ذلك صعبا في السابق بسبب العشائرية و المحسوبية والشللية والفساد وعوامل أخرى . إذ وضع «الكثيرون والكثيرات «في مراكز صنع القرار لسنين طويلة ليس لأنهم « مقطوعو الوصف «و ليس لأنهم « قادة « لهم دور فاعل بل بسبب اتخاذ قرارات خاطئة ولم يكونوا بالحقيقة قادة بل موظفين لهم ميزات خاصة .
نلاحظ اليوم الاهتمام في المدارس والمجتمعات المحلية والشبابية التركيز على خلق القيادات ودورها في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . وهذا عمل يساهم في صناعة جيل يتمكن من العمل مع قادة منتجين يكونون قدوة لهم . ولعل هذه العملية المبكرة تعتبر بذرة لقيادة صالحة في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في المستقبل اذا ما وضعوا في أعمال متمكنين منها . نعم المؤسسات الحكومية فعلا بحاجة لقيادات جريئة تتحمل المسؤولية وتنجز ما يجعل الحياة أجمل وأكثر انسانية للمواطن !