تستمر إسرائيل في سياستها الاستراتيجية العنصرية ودون أعتبار لأية قوانين دولية لايجاد حدود محددة لدولتها الكرتونية التي تحلم برسمها بقلمها الأسود كما يحلو لها. تستمر ببناء الجدران والأسوار من الأسمنت القبيح الجامد الذي ينطق بالكره والعنصرية . ولعل أخر الأسوار التي تكشف عن أهداف إسرائيل الاستعمارية التوسعية والعنصرية هو صدور قرار إسرائيلي بالبدء في التخطيط لاقامة جدار على الحدود الفلسطينية الاردنية في الاغوار . وتتذرع إسرائيل عند بناء أي جدار بالذرائع المتنوعة و كا لعادة . وفي هذه الحالة , فهي تخاف كما يرى نتنياهو “من تدفق لاجئين سوريين من الاردن .” وبهذ التفسير الواهي تستمر إسرائيل في التقليل من مفهومها للاحتلال والاستعمار وحقوق الانسان .
هذه التصريحات وغيرها كما عند بناء الجدران العنصرية لها تفسير واحد وعنوان كبير مستمر أيضا وهو الخوف , أي خوف إسرائيل على الأراضي المسروقة وعلى الاحتلال الذي يحكم بعقلية القلعة وبهوس الجدران , وبالعقلية العنصرية . فهي تحت الاحتلال تحبس الفلسطينيين في بيوتهم وحاراتهم وبين العائلات الواحدة وبين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر وبقية فلسطين ولا ننسى جدران المعتقلات والسجون التي تحبس ألاف الفلسطينيين علّهم يتوبون عن حبهم لارضهم . لقد أصبحت جدران اسرائيل الخائفة رمزا للحقد وانكار حقوق الانسان بحقه بالتمتع بالتنقل والتعبير عن النفس بالحركة والحياة في وطن حر كريم .
اسرائيل تعي أن الجدران أصبحت إحدى التحديات , فهي تقوم بملاحقة الفلسطينيين الذين وجدوا في الجدران العنصرية مكانا للتعبير عن رفض سياستها بالرسم والترميز” بالجرافيتي “. كتب الفلسطينيون رسائل لتوعية الراي العام بمقاطعة العدو داخل الخط الاخضر الذي يفصلهم عن الضفة الغربية الامتداد الطبيعي للوطن . ولعل ما تقوم به إسرائيل من إقامة المستعمرات الكثيفة لحماية ما تسرق من الاراضي لهو شاهد أخر . وتختار إسرائيل الاماكن العالية لتعزل المدن والقرى عن بعض , ولعل بناء مستوطنة” معالي أدوميم” أكبر المستوطنات التي تعزل القدس , لهو مثال واضح , كما هو الخوف . فالملاحظ بناء البيوت على شكل قلاع شبابيكها صغيرة لا تتسع فتحاتها الا للأسلحة التي يحملها كل مستوطن ليحمي بيته المعزول عن العالم الحقيقي .
إن أسوار إسرائيل التي تعزز الكره والحقد وتزيد من عزلتها عن الحياة الطبيعية , لم تمنع حلم الفلسطينيين ببناء دولتهم الحرة وزراعة أرضهم والعيش على منتوجاتهم رغم التأثير السلبي على تسويقه لأبعد من داخل السور العازل . فأهالي قرية بتير القريبة من بيت لحم , قسم الجدار أراضيهم لكي يمر القطار الذي يربط القدس بتل أبيب بالقرب من خط الهدنة المرسوم منذ 1949 , يحتفلون سنويا بموسم قطف” الباذنجان البتيري” التراثي المشهور بزراعته في أراضيهم التي تقلصت لتصبح فقط 30%من المساحة . إسرائيل رغم خوفها المستمر تواجه تحديات كبيرة من الرافضين لجدرانها العنصرية, كما سياستها الاستيطانية التوسعية , ولن يكون جدار الاغوار بين الاردن وفلسطين , الا جدار أخر ستخافه إسرائيل كما تخاف من الجدران الاخرى رغم هوسها ببنائها المستمر . !