ها هو بحر غزة يعيد القصة الإنسانية التي تحمل موجات البحر أصواتا وزفرات وحناجر تغني لرفع الحصار عن غزة التي لا زال أهلها ينتظرون حياة فيها طعام ونوم وملبس يقيهم من برد الشتاء نتيجة الحصار . البحر يضيق ولا يسمح للمتضامنين من العالم لركوب الأساطيل والبواخر الكبيرة للقدوم لغزة . فالسلاح الإسرائيلي يقف بالمرصاد لمن يحمل الحب والغذاء والأمال للأطفال .ومع ذلك ما زال التحدي قويا حتى اليوم ونحن نرى أكثر من من 200 ناشط فلسطيني بمشاركة عدد من المتضامنين الاجانب يبحرون في قوارب صيد لعدة أميال في البحر قبالة مدينة غزة يحملون المشاعل والأضواء ليلفتوا الانظار لغزة التي لا يزال الظلام يلف ليلها الطويل .
هذه المرة يقوم الشبان- الذين نراهن على أنهم الذين يصنعون مستقبل فلسطين وتحقيق أمالها بالدولة الحرة على الاراضي الفلسطينية المسروقة من الاستعمار الصهيوني- برفع اعلام فلسطينية لتأكيد هذا الهدف . ولعل أجمل الرسائل التي كتبوها هي رسائل حب للعالم والحياة وتمنوا على الزجاجات الفارغة التي وضعوها فيها لحملها لعناوين من يهمهم الأمر في العالم . وكأنهم يرددون شعر ابراهيم طوقان : “موطني موطني /الجلال والجمال والسناء / والبهاء في رباك / والحياة والنجاة والهناء / والرجاء في هواك … “ .
لمن نسي نذكر أن الشعب الفلسطيني لا يزال محاصرا بكامله تحت الاحتلال الاسرائيلي من البحر والجو والشمال والجنوب . ورغم تعاطف العالم وتضامنه مع الشعب المعذب منذ ما يقارب العقد من الزمن فلا يزال الاستعمار الصهيوني مطبقا على جميع الجهات علّ الناس يستسلمون ولكن دون فائدة . بحر غزة المفتوح على مياه ويابسة العالم لم يتمكن كما نعرف من ابقاء “ ابواب بحر غزة “ مفتوحة . لا تزال قصة ( أسطول الحرية) الذي كان يحمل نشطاء السلام 1010 مكتوبة في الذاكرة الحيّة . تحدى الاسطول الحقد الاسرائيلي الذي اوقع تسعة شهداء على متن ( مرمرة التركية) التي حملت شخصيات مؤازرة للقضية الفلسطينية ومتحيزة للانسانية تطالب بحق الشعب بحياة حرة . بالاضافة نذكر أيضا بسفينة “ الكرامة “ الفرنسية التي استولت عليها إسرائيل وكذلك بسفينة السلام السويدية “ ايتسيل “ عام 2012 التي أبحرت ووقفت قبالة غزة تضامنا لفك الحصار . العدو عادة لا يسمع الا لمشاعره الاستعمارية المتوحشة ولذلك اسرائيل تصم أذانها عن التضامن العالمي للشعب الفلسطيني .
اليوم تصطاد الفلسطينيين وأنصارهم في عرض البحر أو قرب الشواطئ ولا غرابة وهي تقوم بخطف أربعة صيادين يبحثون عن لقمة العيش في بحر غزة . بالاضافة الى مركبي صيد مقابل بيت لاهيا شمال القطاع المحاصر .
حروب البحار ضد غزة ستظل فاعلة ما دام العالم لا يمكنه الوصول للشعب المصر على الحياة بكل شجاعة . ولكن الحقيقة أيضا أن هناك مشكلة معقدة لا زالت عقبة أمام دحر اسرائيل ألا وهي وحدة الفلسطينيين التي تحتاج لمصالحة حقيقية تجمع الجميع ضد العدو المستمر في تمزيق حلم الدولة والوطن المستقل . إن ما يجري اليوم في فلسطين ليس فقط في غزة بل في جميع أرجاء الارض الفلسطينية وحتى في السجون ليجعل الأمل أوسع لنيل الحرية . فاسرائيل توسع جهودها الاستعمارية بين المحلي والعالمي وبين القدس والمدن الاخرى من أجل تحقيق أحلامها التلمودية الخرافية . ورغم أننا نقول دوما إن الكلام لا ينفع نعيد ذلك لكننا نقول -أيضا- إنّ القول بصوت عال ومستمر في البحر والأرض وخارج الحدود ليصل لقاعات الأمم المتحدة مفيد أيضا … ولنظل .. نرفع الصوت مع المناصرين للقضية الفلسطينية باخلاص.!