سيقوم كيري برحلة مكوكية عاشرة الى فلسطين في منتصف الشهر القادم حاملا معه الملفات الساخنة التي يصر أن يحلحلها كما يريد دون فائدة حتى الآن . والمتابع للنتائج التي وصل اليها كيري في زيارته الأخيرة،بالنسبة “ للحل النهائي “ يجد ألا جديد لصالح الفلسطينيين ولا يبشر الأمر بالخير. بعد فشله اعتقد أنه نجح بعد موافقة الطرفين للعودة للمفاوضات. بالاصرار على ذلك بمفاهيمه المتحيزة بدأ كيري يستعمل تعابير ومفاهيم تساعده على وضع “ خريطة طريقه “ للوصول لما تريد أمريكا وإسرائيل مع اهمال ما يريده الفلسطينيون . اثناء رحلته الأخيرة رفض الفلسطينيون بشدة مقترحاته باقامة “الدولة الفلسطينية “ التي يطالبون باقامتها على حدود 1967 مقابل الاعتراف “ بيهودية الدولة “. يرجع كيري وهو متأكد أن هذا الرفض سيعاد، الا أنه أصبح يستعمل لغة غير واضحة ليظل ماسكا بما يراه انجازا له وهو جمع الطرفين على الطاولة على الأقل . ولعل المصطلح الجديد “اتفاق أطار “ الذي يستعمله بدل “ الاتفاق النهائي “ ما يلفت النظر ويثير الشكوك في نفس الوقت . كيري في رحلته الاخيرة ترك انطباعا واضحا لدى الفلسطينيين، بل حقيقة وهي تحيزه الواضح لاسرائيل، في الملفات العالقة، وبخاصة ما يتعلق بقضيتين أساسيتين: “ الأمن والحدود “ و “ القدس “.
الأمن والحدود التي تريدها اسرائيل وكما جاء في خطة الجنرال ( ألين ) – وإن خلقت خلافات بين أحزاب اسرائيل – هي بقاء اسرائيل على طول الحدود الأردنية في الأغوار ولمدة عشر سنوات قادمة. وهي فكرة يرفضها الفلسطينيون والاردنيون إذْ يرى الفلسطينيون دولتهم لها حدود واضحة وذات هوية وسيادة دون هيمنة إسرائيلية. كيري بدبلوماسيته الخبيثة يعطي إسرائيل عشر سنين لتوسيع الاحتلال وابقائه على ما نسبته 28% من مساحة الضفة الغربية . بالاضافة لاعطائها “ الحق “ باقامة جدار فصل عنصري جديد يضاف لجدرانها المتعددة لابقاء الاحتلال جاثم على قلوب الأرض والإنسان الفلسطيني . أما قضية القدس فهي القضية التي تزداد تعقيدا، من قبل الاسرائيليين المتطرفين والتي تؤرق اسرائيل لأنها لا زالت مصرة على جعلها عاصمتها الابدية ومواصلة بناء المستوطنات حولها وعزلها عن المحيط العربي، وما يتبع من تفريغ المدينة من أهلها وأكثر فما زالت عقبة كأداء أمام أية حلول .
بعد عشرين عاما من المفاوضات الواقفة مكانها، يعود كيري ليعيد ويزيد الكرة ولكن بلغة جديدة علّه يخدع الفلسطينيين الذين أصبحوا أكثر مراسا في عملية التفاوض من السابق . فبدل توظيف ما توصلت اليه المفاوضات في “الحل النهائي “، يستعمل مصطلح “ اطار اتفاق “، ولعل هذه الملاحظة التي تثير الشكوك تنبه الى اسلوب جديد يحمله كيري الذي بدأت الاستعدادات لزيارته المرتقبة تبدو نشطة، اذ حجوزات الفنادق تدل على حشد كبير مرافق لكيري سينزل معززا مكرما للعمل في “اطار اتفاق “، وليس من أجل الاتفاق النهائي . وكما نرى أن هذا الاسلوب سيدعو الى وضع اتفاقيات جديدة ووقتية، بالإضافة الى انسحاب إسرائيل بالتقسيط المريح الذي يسمح لإسرائيل أن تبقى تملي شروطها على حليفتها أمريكا وتمارس سلطة المحتل الاستعماري . يخطئ من يعتقد أن كيري سيحمل لنا أكثر ما حمل من سبقه من الساسيين الامريكان لحل القضية الفلسطينية، التي لا زالت تبحث عن طريقها في المرحلة النهائية وكأنها في بداية الطريق . ولننتظر ونر ماذا يعني كيري في اطار مفاهيمه، وهل هناك من جديد نستعد له ؟، لننتظر ولنذكر ولنستعد !!