كان مفهوم التنمية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في الاْردن يعتمد على العمل الخيري الفردي والتطوعي , ورعاية المحتاجين . وتميز بمبادرات كانت تقوم بها الجمعيات الخيرية غير الحكومية , بالاضافة لوزارة الشؤون الاجتماعية ذات المرجعية . وقد تطور هذا المفهوم ليؤكد على أن “ الانسان هو محور التنمية وهدفها .”ولا زال كذلك مع العمل لاقامة مشاريع لخدمة الناس من شرائح المجتمع مثل الاسرة والطفولة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة بالاضافة لتنمية المجتمعات المحلية . وقد عمل في هذا المجال المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تسمى “ بالمجتمع المدني “ , الذي اصبح شريكا في عملية التنمية التي هدفها العمل على حل أو تخفيف وطأة المشكلات المتداخلة التي تمس حياة الناس الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية . وصل الاردن الى هذا المفهوم ونحن نعيش عصر العولمة اليوم و ثورة تكنولوجيا الاتصالات والاعلام التي اصبحت تتدخل بكل الضروريات للتنمية في عالم سريع التغير في تطوير الادوات , ومن ضروراته استعمال أدوات المعرفة من “ كمبيوتر وانترنت وموبايل وأي باد” وغيرها . وكما هو معروف أيضا أن الاعتماد عليها يواجه نقاشا كبيرا في العالم العربي بسبب استعماله أو غير استعماله الصحيح .
مع هذا التطور اهتم المخططون في الاردن بالشباب وتنشئتهم , اذ يلاحظ النسبة العالية بين الشباب يستعملون الانترنت , وهناك البرامج التعليمية في المدارس والمعاهد والجامعات للتعليم والتدريب . ولعل من يرى الاطفال حتى في سن الطفولة المبكرة يلعبون و بعضهم – من استطاع له سبيلا – يستعمله لطلب المعلومة يدرك مستقبل الجيل الجديد في استعماله كما في الدول التي اخترعت وصنعت هذه الالات . عندما اخترع بيل جيتس برنامج كمبيوتر كان عمره عشر سنوات , وكان برنامجا للعبة “ التكتكتو “ واستعمل “ كمبيوترا ضخما مزعجا وبطيئا ومرهقا “ ولا شك أن بداية الطريق كان في التشويق للاستمرار في هذا العالم الذي أصبح عالمه والعالم أجمع للمعلومات والمعرفة . وقد أسمى الكمبيوتر “ الطريق السريع “ بعد تطورات الشبكة العنقودية لتصبح طريق كل الناس .
الطريق في الاردن كما يبدو لا يقتصر على الشباب لدخول الطريق السريع . اذ نرى اليوم بادرة طيبة من المجتمع المدني, ليس لتقديم المعونة لكبار السن وغير المحتاجين , بل لتقديم التدريب وايصال من يرغب الى طريق بيل غيتز لتطوير قدراتهم مجانا . تقوم ( هالة زبانة ) بتدريب كبار السن لاستعمال احدى أدوات المعرفة : الأي باد “ ليتمكنوا من التواصل مع الناس والاطلاع على الثقافة وقراءة الجرائد واللحاق بأخبار العالم .بالاضافة للتسلية . وهذه الاداة بديلة للانترنت الذي قد يتعب الانسان بالجلوس أمامه لفترات طويلة . ولعل مفهوم التنمية ودور المجتمع المدني يبرز بوضوح هنا إذ وفر أحد المهتمين المكان لعقد الدروس و ووفر أخر الأدوات . ومن ردود فعل بعض المشاركات تبدو التجربة ناجحة لجعل الجيل القديم أكثر تواصلا وجزءا من عالم الجيل الجديد في جسر الفجوة الرقمية التي لا زالت كبيرة بين الاجيال .
ولعل هذه التجربة تعمم على المؤسسات لكبار السن الذي يحتفل العالم بهم كل عام ولاشعارهم بحقوقهم الانسانية ايضا .. ولعل هذه التجربة أيضا تفعل الشباب لكي يقدموا على تعليم أبائهم وأمهاتهم من أجل خلق تواصل علمي وانساني أكبر لأن الفجوة تتوسع بين الاباء والامهات وبين اولادهم ايضا بسبب هذه المخترعات , وكأنهم يعيشون في عوالم مختلفة . هناك في الاردن عدد من المؤسسات والاندية التي تهتم بالكبار , ومنها “ نادي الرواد الكبار “, الذي يقوم بنشاطات ثقافية واجتماعية مختلفة ويمكن الاستفادة من هذه التجربة التي أجدها مفيدة لأنها تجعل الانسان يشعر بانسانيته وقدراته وتنميتها في أي سن كان .!!أ