لفت نظري بين الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكثيرة على صفحات الجرائد خبر يقول :” وضع اليد على مخصصات الجامعات للبحث العلمي والإيفاد لعدم انفاقها خلال ثلاث سنوات “.
هذا الخبر الذي يتعلق بالعلم والثقافة بنوعيهما جميعا لا بد من الوقوف عنده لأهميته . موضوع الجامعا ت كان متداولا بين “ الجميع “ خلال السنين الأخيرة لأسباب مختلفة، منها مدى استقلاليتها عن تدخلات الدولة ونوعية التعليم ومدى التقدم في العلوم ونسبة ومستوى البحث العلمي ومدى استخدام أدوات المعرفة الحديثة مثل الحاسوب، ومدى تفاعل المجتمع مع الجامعا ت ومدى أهمية الانخراط أو المشاركة في الحياة السياسية للطلا ب وغيرها .
وقد فتحت هذه الموضوعات المجال لنقاشات عامة وخاصة لمن يهمهم الأمر من مسؤولين وأولياء أمور الطلبة، بالإضافة للطلاب والباحثين والمتخصصين من أجل ايجاد حلول للمشاكل المتراكمة والمتوارثة .
للموضوع أهميته خاصة لأن “ البحث العلمي “ كان -ولا يزال- أحد الموضوعات التي تناقش وتدرس ويبحث عن حلول لمشاكلها ومعوقاتها كما هو الحال مع الجامعات العربية بشكل عام . ولن أعود لكل مشكلة على حدة لتشابكها وتعقيداتها، إلا أن العودة الى المستوى الأكاديمي أي المناهج والمقررات وأساليب تقييم الطلبة ومستوى انجازاتهم بخا صة الاختبارات العلمية لقبول الطلاب لها أهمية.
ما وصلنا من معلومات أنه خصص لكل جامعة ما “نسبته 3% من موازنتها السنوية لأغراض البحث العلمي والنشر والمؤتمرات “ وهي نسبة لا تعد ضيلة، مع تجنّب مقارنتها بالجامعات الأجنبية، بالإضافة الى أن هناك ما نسبته 2% لغايات الحصول على درجات الماجستير والدكتوراه، وهذا يعني إعداد الكوادر التعليمية المؤهلة . إذن هناك فائض وليس نقصا في صندوق دعم البحث العلمي الذي لطالما تباكينا عليه مجمد.
ولعل الأسباب التي أدرجت عن عدم “ استعمال “ الأموال المخصصة تدق ناقوس الخطر من حيث تدني مستويات الطلاب في العلوم وعدم مطابقتها للشروط المطلوبة . وما زلنا نتذكر المستوى العالي لطلاب التوجيهي في الأقسام العلمية والصيدلية والطبية في السنة الماضية , وقد أبهرت الجميع بما حصل عليه بعض الطلاب من معدل 99% أو كادوا يصلون الى 100% .
والسؤال بعد هذه الحقائق يجب أن ينصب على أمور كثيرة متعددة من أجل الاستفادة من الأموال المجمدة والتي بلغ مقدارها 2,445,997 دينار.
ولعل أهمها كيف نحفز الطلاب على دراسة العلوم والبحث العلمي الذي يبدو أنه اصبح بالنسبة للطلاب أقل أهمية، بعكس طلاب جامعات العالم التي تتنافس على الطلاب المعدين للبحث العلمي بحيث يواصلون التطور العلمي الذي يسيطر على التطورات الصناعية والتكنولوجية وملحقاتها وما وصلوا إليه .
وقد يكون احدى المعوقات في الحوافز لدراسة العلوم والبحث العلمي هو الخوف من الفشل عندما تتم منافسة طلاب في الجامعات الأجنبية وصلوا إليها بمستويات عالية وليس بمعدل “ مقبول “ أو “واسطة”.
وهناك أسماء عربية أصبحت عالمية مثل ( زويل ) في مصر وغيره مما درسوا في الخارج ونافسوا الأجانب ليس فقط على مقاعد الدراسة بل بالعمل والإنتاج . إضافة الى الاهتمام لا بد أن ينصب على الأساتذة الأكاديميين الذين عليهم ليس فقط توصيل المعلومة بل التحفيز لتنمية العقل النقدي العلمي والموضوعي .
لذا لا بد من ربط البحث العلمي مع المجالات والمهن الأخرى من أجل حياة أفضل لنتمكن من “ التصارع “على دراسة المواد النافعة والتخصص فيها في زمن التطور الهائل الذي نشهده في العالم . وأقول التطور الصحيح هو إنتاج أدوات المعرفة وليس استهلاكها فقط وكما نحن اليوم حيث نعتمد على يقدم لنا مع عجزنا عن صنعه .
الأمل كبير بإيجاد روح المنافسة الحقة للوصول الى جامعات تبحث عن مخصصات للبحث العلمي بأية وسيلة وليس نسيانها لمدة ثلاث سنوات. والكشف عن هذا الموضوع يعد إيجابيا للتعليم العالي وهي بادرة جيدة لتصحيح السلبيات الكثيرة المتوارثة والمسكوت عنها ..!