أقتبس هذا العنوان من أسلوب ما كتبته الصحافة الفلسطينية غداة موت بلفور صاحب وعد بلفور المشؤوم نيابة عن بريطانيا ( 2, نوفمبر العام 1917 ) الذي أعطى اليهود الحق “بإقامة الوطن القومي “ في فلسطين . كتبت جريدة صوت الشعب لصاحبها عيسى البندك بتاريخ 26 أذار 1930 عنوانا بالخط العريض “مات بلفور “ وجاء في المقالة : “ما كان العربي ان يشمت في الموت قط , وما كانت أمة من الأمم أكثر احتراما للأموات “ وتابع بتشف واضح : “العرب يتفاءلون خيرا بموتك غير شامتين ..” .
اليوم وقد مات شارون بطل المذابح الدموية نقول له .. غير شامتين: “ ليس في الموت شماتة , ولكن الحمد لله الذي توفاه. “ شارون مات بعد أن سجل تاريخا أسود للإنسانية ويداه تقطران دما , لأنه من تربية العصابات الإرهابية الصهيونية التي نفذت الوعد المشؤوم بالدماء وقتل الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.
كانت الصهيونية العالمية تقوم بتنظيم العصابات الصهيونية وتدرّب الشبيبة العبرية من شباب وفتيان على حمل السلاح منذ العشرينيات أي منذ أنشطة منطمة الهاجاناة الإرهابية وغيرها التي تحولت الى “ جيش الدفاع الإسرائيلي” .
كان شارون في الاربعينيات أحد الشباب يتدرب على سفك الدماء بدم بارد. ولعل محبته للدم والمجازر جعلته يستمر منذ الخمسينيات بالأعمال الاجرامية التي قام بها , حتى دخوله الغيبوبة العام 2006 . وللذكرى كانت مجزرة قبية العام 1953 إحدى مجازره وقد استشهد على يديه 70 انسانا .
ولعل مذبحة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها شارون في عدوانه على لبنان 1980 لمدة 48 ساعة تدل وتوثق مدى حبه لسفك الدماء ومدى اتقانه جرائم الحرب التي قام بها. . ولعل مثالا واحدا مما وثقته المؤرخة بيان نويهض الحوت في كتابها” ( صبرا وشاتيلا ) تظل أكبر شاهد على الجرائم الانسانية , و قد وقف العالم متفرجا عليها دون حراك، هذا بالرغم من أخذها الى محكمة لاهاي . تبين إحدى شهادات سكان المخيم نوعا من جرائم شارون كما جاءت في كتاب بيان : “ كانت أمل وجوزها متخبيين .. قتلوا جوزها قدامها بالبلطة ..وهي شايفينها حامل بشهرها الاخير …. راحوا جايبين سكينة كبيرة فوتوها ببطنها وطلعوا منو الجنين , وهمو عم بيضحكوا … راحوا رموا الجنين جنبها ..دفنوها مع جثث كثيرة مع البلدوزرات …”
شارون -كما هو ظاهر بوضح من سيرته- كان مشاغبا واستفزازيا حتى لحزبه . ولعل حملات بناء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان بكثافة في التسعينيات جعلته يعزز سمعته السيئة على اقامة مجموعات استيطانية متطرفة أسماها “ فتيان التلال “ . لتحرس المكان لحين وصول البلدوزرات، و زمن ترؤسه الحكومة 2001-2005 حاول ايهام البعض أنه بمخططه اخلاء المستوطنات في غزة يهدف للسلام . وقد كان يخطط للمزيد من المستوطنات التي نراها تنمو بشكل سريع اليوم في كل الأراضي الفلسطينية.
هذه السمعة السيئة لشارون لا تدع مجالا للشك أنه مجرم حرب وبطل القرن في هذا المجا ل . ولعل موته لن يعفيه من هذا اللقب الذي يستحقه عن جدارة . ولا أظن أن القضايا المرفوعة ضده في المحكمة الدولية ستسقط عنه وهو في قبره في مزرعته التي سرق أرضها من الفلسطينيين , كما سرق بيته في القدس العتيقة من أصحابه الفلسطينيين وأبعدهم عن مكان ولادة أجدادهم .
ولعل المستشارة الألمانية ميركل تقرا هذا ولا تصفه كما في نعيها بأنه :” وطني أدى خدمة لبلده “ . أو ما قاله كاميرون البريطاني “ حفيد بلفور “ : “ اتخذ قرارات شجاعة ومثيرة للجدل سعيا للسلام . “
ويقول نتنياهو: “ دولة اسرائيل تنحني أمام وفاة شارون .. “. ونقول نحن الفلسطينيين والعرب وكل من يؤمن بحقوق الانسان لشارون :” يكفيك أنك مت وأنت تحمل لقبا ضد الإنسانية هو(سفاح العصر) .!!