حفل توزيع جوائز عبد الحميد شومان لأدب الاطفال للدورة 2014 تحت رعاية الأميرة المثقفة ريم علي حدث هام شهد عليه حضور وجمع من المختصين لهذا النوع الأدبي الذي تشجع عليه المؤسسة . فقد اهتمت مؤسسة شومان وهي تسير بخطى واثقة لتنمية القراءة والكتابة يسبب تدني معدل القراءة في العالم العربي . وقد حرصت أن لا أفوّت الفرصة لكي اعرف أين وصلنا في “ أدب الاطفال “ وليس” تأديب الاطفال “، بالاشكال المختلفة مثل” الضرب “ما أعنيه وما يهدف اليه المخططون هو فن الكتابة والقراءة من النثر والقصص والشعر للاطفال من الجنسين دون سن المراهقة ..ومن ذاكرة التاريخ نعرف أن هذا الفن بدأ في أوروبا في القرن السابع عشر وازدهر في العالم في منتصف القرن العشرين. فقد ظهرت المؤلفات الخاصة بالاطفال كما تخصص الكتّاب في مثل هذا الأدب . وظهرت بوادر الكتابة للأطفال في العالم العربي عام 1930 في الجرائد والدوريات العربية وإن كانت ضعيفة واقتصرت على الوسائل التعليمية المباشرة من شعر ونثر .وظهرت قصص ظلت مقروءة ليومنا هذا منها الحكايات والقصص مثل قصص جحا والسندباد البحري وكليلة ودمنه وغيرها .
أسرد هذه المقدمة علّها تساعد في الاجابة على سؤالي : أين وصلنا في هذا الحقل ؟ ولكنني مترددة أن أذكر حالنا نحن” الكبار” في العالم العربي ونسبة القراءة بيننا ومدى الفجوة الثقافية بيننا وبين الغرب في القراءة أوفي استعمال الأدوات التكنولوجية. ولكنني مضطرة في هذه المقالة من سرد الواقع المخيف من الاحصائيات التي لا بد منها في هذا المجال .هناك كتاب واحد يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي مقارنة بكتاب لكل 500 إنجليزي و900 ألماني أي معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في انجلترا .أي أن كل 300 ألف عربي يقرأون كتابا واحدا بمعنى ان نصيب كل مليون عربي يقرأون كتابا واحدا . ارقام موجعة تدعو للوقوف طويلا أمام اهتمام مؤسسة عبد الحميد شومان ببرنامج الطفولة وكتب الأطفال .
اطلقت مؤسسة عبد الحميد شومان جائزة “أدب الاطفال “ لتشجيع القراءة والكتابة للأطفال عام 2006 ، من أجل الاسهام في انتاج أوفر وكتابة متخصصة ، ولم يقتصر ذلك على الطفل الاردني فحسب ، بل للأدب الموجه للطفل العربي بشكل عام . وبالرغم من عدم توفر دراسة واحصائيات جادة حول نسبة القراءة عند الاطفال- وهذا ما يجب القيام به كمشروع مستقبلي هام – ، إلا أن المؤسسة اهتمت بتشجيع القراءة للكبار منذ تأسيسها عام 1978 من قبل البنك العربي ،وأسست مكتبة استفاد منها الكثيرون في زيادة الثقافة والمعرفة ولتكون محفزة للإبداع . وقامت بتأسيس مكتبة خاصة للأطفال 1987 ، وقد عززت هذه المكتبة عام 2013 ليصبح اسمها” درب المعرفة “ ، متأثرة بالمتغيرات العلمية والتكنولوجية التي تغزو العالم في عصر سريع التغير حيث ادخلت وسائل الاتصال الحديثة من أجل ايصال الرسائل التربوية والتعليمية والابداعية مثل السينما والمسرح والموسيقى التي تساهم في تنمية الطفولة المبكرة نفسيا وعقليا واجتماعيا.
أن تخصص مؤسسة شومان جائزة خاصة بأ دب الأطفال ، ليدل أن الهدف واضح من أجل الاسهام في الارتقاء بالادب الذي يكتب للأطفال وخاصة بأنه جاء متأخرا رغم غنى العالم العربي بالتراث القصصي بدأ من الف ليلة وليلة الى حكايا وخراريف الجدات التي تأخذ الطفل الى عالم السحر والغيبيات وما فيه من خيال واسع وابداع . وفي الحقيقة لقد همش أدب الاطفال وكثيرون اعتقدوا خطأ أن بامكان اي شخص الكتابة للأطفال ، ولذلك كتب الكثيرون دون فهم نفسية الطفل أو حتى أصول الكتابة بمفردات تتلاءم مع فهم مراحل النمو في هذا العمر من الطفولة المبكرة .بالاضافة الى الابداع والتميّز .
حفل توزيع جوائز” أدب الأطفال” تشكل خطوة ايجابية كبيرة لتشجيع الاطفال أن يقرأوا كتبا جيدة تجذبهم للقراءة والتعود أن يكون “الكتاب خير صديق” سواء أكان ورقيا أو رقميا . ولعل مواصلة الاهتمام بكتب الاطفال وبالقراءة من جميع الجهات المعنية لهو ضرورة ملحة لكي يتربى جيل يقرأ بمعدلات تهئ الجيل الجديد ليكون قارئا احسن من السلف . ولا بد هنا من شكر مؤسسة شومان ممثلة بمديرتها فالنتينا قسيسية التي تعمل مع فريقها والمختصين ، جادة على تقليل الهوة في معدل القراءة بيننا وبين الغرب لكي لا نخجل من ذكر الإحصائيات التي تبعث على الأسى.