لا أحد يستغرب وينكر العشق المسوح ،” العشق المزبوط “ العشق الحلال ويبارك له . وهذه المشاعر الجميلة المستمدة من المشاعر الانسانية الطبيعية والعادات والتقاليد والتراث العربي الأصيل . مثل عشق الفتى جاسر عيد ابن الخمسة عشر عاما البدوي ابن الصحراء التي صبغت الشمس لونه بلون النحاس ورمال الصحراء . هذا الفتى هو” الذيب “ الاسم الذي عرفناه مؤخرا قبل أن نعرف أنه جاسر عيد ابن الحقيقة . سعدت لأنه عاشق ، وقد اصبح يعرف معنى العشق المسموح ، أحب الصحراء وشمسها ، كما أحب الرمال والجمال ، وعشق الجمل وهو يمتطيه ويسليه في رحلته الملحمية في صحراء وادي رم . هذه الحقيقة والبيئة هي التي جعلته نجما ينوب عن الأردن في حب البقاء والتميّز.
يأتي هذا في وقت يلف الكره كل الأماكن في هذه المنطقة التي يتطفل عليها المستعمرون بالوان وأشكال مختلفة . أحببت هذا الفتى منذ أن حضرت فيلم “ ذيب “ الفيلم الأردني القصير وبطله فتى بدوي ولد وعاش” للآن” في الصحراء القاسية والحبيبة في نفس الوقت . أحببت الفتى الصغير الذي جسد في دوره في الفيلم ببساطة واقعا ، بكيت فيه عندما فقد الولد أخاه وبقي وحيدا .. لقد تمكن من البقاء في صراعه مع الطبيعة . ولعل هذه الحقيقة ومذاقها ما خلق منه انسانا عبر فيه عن عشقه لحياة الصحراء وحياته الشخصية . لقد ولد بين الحب والكره فنانا بكامل المواصفات التي اراها ستأخذه الى مستقبل واسع في الانفتاح على العالم ، كما جلب العالم الى وادي رم ، والى الأردن لتسليط الضوء على مزاياه المخفية للكثيرين .
ما أوّد التركيز عليه ، هو أن عشقا من نوع جديد أصابت قلب الولد أو بلغة الفن والحضارة “التمثيل “ . هذا الفن الذي عرفه الانسان منذ القدم على المسارح زمن اليونان والرومان ، وغيرهم مما خاضوا التجارب الحقيقية من ألم وفرح . عشق الممثل الصغير جاسر عيد- كما يقول للصحافة –يبدو حقيقيا وقد جسد حياة عاشها ويحلم اليوم أن يصبح معترفا به كممثل عالميّ ، وهو المرشح للأوسكار ،.
أرى انجذاب الفتى للتمثيل ، نعمة إنسانية ، لأن التجربة أكبر برهان ، وأتساءل بل أجزم أن لدينا أكثر من” ذيب “ وأكثر من جاسر علي بين طلبة المدارس الابتدائية والثانوية والجامعية . لدينا من الموهوبين والمبدعين الكثر الذين لهم مشاعر عشق مسموح ومحبب يلفها الاهمال . ولعل الكشف عن مثل هذه الاستعدادات مبكرا ما يجب الاقبال عليها من الجهات المعنية التي لا بد لها من تشجيع هذا الفن في المدرسة على المسرح وفي ساحات المدرسة والجامعة . وربما تكون مناسبة نجاح ذيب ابن الصحراء البعيد عن الفن بداية لبدء أو تطوير الموجود . فالولد أصبح قدوة للكثيرين في مثل سنه الذين يحلمون بالنجومية ، التي لها معجبون .
عندما غنى عسّاف واصبح نجما كبيرا ، حاول البعض التقليل من فنه وصوته الذي حمل فلسطين والعرب الى خارج المكان ، وعندما نجحت ( نداء شرارة ) الاردنية مؤخرا بتشجيع الملايين لصوتها الجميل الذي غنت به التراث والاصالة حاول البعض إحباطها ، إلا أن عشقها للتراث وللغناء ما جعلها تفوز عن جدارة كما الفتى الجميل ذيب الذي أحببته كما أحبه العالم .
هل يصبح لدينا مناهج دراسية جادة من معاهد ومؤسسات وأندية ، تجذب الطلاب بالاضافة للمنهج الدراسي ، وكما في الغرب ؟ نعم كما في الغرب الذي يبدأ بتعليم الأطفال والفتيان والشباب حب الحياة والتعبير عنها بتعلم الموسيقى والغناء ولتمثيل ؟ هذا هو السؤال الذي نريد له جوابا مدروسا يعمل على خلق فنانين موهوبين ومدربين أيضا . فهل سنعمل على تحقيق حلم العاشقين للفن والحياة ؟