اسرائيل كعادتها لا تترك مناسبة إلا وتحاول استغلالها للقيام بدعاية للتأثير على الرأي العام العالمي لتحسين صورتها وخلق مفاهيم و روايات غير الحقيقية لوجودها كدولة ، فكيف بمناسبة توزيع جوائز الأوسكار المشهورة التي توزع فيها الجوائز على أجمل وأبرز الممثلين والممثلات العالميين عن أدوارهم أو اخراجهم للأفلام المميّزة في مناسبة يتسمر أمام وسائل الاعلام الملايين ممن ينتظرها سنويا . إسرائيل هذا العام بدأت مبكرة للاستعداد لبرنامج دعائيّ بامتياز رسمته لاستغلال الجمال والنجومية التي لها خصوصية للتأثير على الرأي العام بشكل فردي وجماعي . الصهيونية تاريخيا كما هو معروف ، اتقنت الدعاية لتحقيق اهدافها ووضعت استراتيجية واضحة منذ مؤتمر بال في سويسرا سنة 1897 لكسب تأييد إنشاء دولة يهودية في فلسطين . وقد” نجحت” في تصوير الشعب اليهودي “المضطهد “ في استراتيجية متكاملة ديبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا ، وتمكنت من تحديد مراكز القوة في كل مجتمع في العالم بالاساليب المختلفة وحسب الظروف المحيطة به والمهيأة للتأثير في الرأي العام ، مستغلة جهل العالم الغربي بالقضية الفلسطينية وتحيزه لليهود..
اسرائيل اصطادت هذا العام مناسبة الأوسكار محاولة مواصلة أساليبها الدعائية المدروسة بالتركيز على قوة وأهمية الاتصال الشخصي للشخصيات الجميلة علّها تجمل صورتها القبيحة بفعل استعمارها واحتلالها لفلسطين منذ 1948 . فاجأت العالم بدعوة نجوم هوليوود الفائزين لزيارة اسرائيل مع تقديم 55 الف دولار امريكي لكل رابح ، بالاضافة لدعوة وزارة السياحة الاسرائيلية تقديم عطلة مجانية لمدة عشرة أيام ل26 مرشحا للأوسكار . ولا يتأتى هذا” الكرم اليهودي “الذي تبلغ قيمته مليون ونصف دولار من فراغ ، فاسرائيل تاريخيا دأبت على استعمال المال بشكل كبير في مثل هذه المناسبات التي ستعود عليها بالنفع إذا ما نجحت في جلب “ المعازيم “ . فهي بحاجة ماسة هذه الأيام لتجميل صورتها البشعة أكثر من قبل . فقد أصبحت أكثر وضوحا للعالم الغربي المخدوع الذي لم يكن يعرف أن اسرائيل المحتلة قامت على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي الذي اقتلع من وطنه ، ويناضل لكي يتخلص من اسرائيل المحتلة .
عملية العلاقات العامة والدعاية والاستغلال لنجوم الأوسكار هذه قد تعود على اسرائيل بالضرر أكثر من النفع هذه المرة ، لأن هناك صحوة للعديد من المنظمات الدولية في أمريكا وأوروبا ،تعمل لانهاء الاحتلال وقتل النساء والأطفال وتدعو لحقوق الانسان وحق الشعب الفلسطيني بالعودة لوطنه . من هذه المنظمات منظمة” فاز “ الدولية التي رفعت الصوت ضد هذه الدعوة التي ستستغل اسرائيل فيها جهل البعض بالرواية الحقيقية عن القضية الفلسطينية . ولا شك أنها ستوهم ضيوفها ممن سيلبي الدعوة ، انها بلد الفن وانها تؤمن بالسلام الذي “يرفضه الفلسطينيون “. ولعل دعوة هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الاكاديمية والانسانية التي تؤمن بحقوق الانسان لمقاطعة اسرائيل لها أهميتها . فهي تدعو نجوم هوليوود بدل ذلك لزيارة سجون الاحتلال ليطلعوا على الأسرى وخاصة الأطفال الذين يزيد عددهم على ال 500 طفل . تطلب منهم أن يروا بأنفسهم الممارسات الاسرائيلية الوحشية ضدهم وما يعانون من حرمان ولكي يعرفوا كيف زوّرت اسرائيل التاريخ ، ولعلهم يقبلون دعوة اًصدقاء الفلسطينيين الذين هم أجمل الناس .
هناك معجبون لهؤلاء النجوم في العالم العربي وهناك مصالح لاصحاب صناعة السينما يعرفونها جيدا ، ولا بد لهم أن يعرفوا أيضا أن اسرائيل تخدعهم وتستغل نجاحهم في دعاية ستعود على من يقبل” العزيمة “ بالخسارة . إن أصحاب دور السينما في العالم العربي وأصحاب الأعمال في هذا الحقل “ السينمائي “ يمكن أن يلعبوا دورا هاما وذلك بعدم عرض الأفلام التي سيشارك الفائزون بالأوسكار فيها اذا ما زاروا اسرائيل التي لم تخف اهدافها الدعائية . ولتبدأ حملة من الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي للمقاطعة بدل تضييع الوقت بارسال رسائل فارغة يقتلون بها الوقت . هذه مناسبة أيضا لنا لكي نعمل وبوسائل مختلفة لافشال مشروع الدعاية الاسرائيلي ، وذلك بالتحرك للعمل وخاصة أن العرب اصبحوا يملكون من الأدوات التكنولوجية من الفضائيات والمحطات الاذاعية ووكالات الانباء والصحافة التقليدية والجديدة ما يمكن إغراق العالم به لهدف نبيل وليس فقط بشراء هذه الوسائل بالمال الكثير لاستعمالها للاستهلاك وليس الانتاج … فلنبدأ هذه الحملة إذن وغدا تبدأ التعليقات على الاوسكار مع قراءة هذه المقالة أيضا …هذا أمل وليس حلم .. بالمناسبة!