نتنياهو هذه الأيام وبشكل مسعور يبحث عما تبقى من أراضي القدس لتهويدها قبل أن يصحو العالم ويتذكر بأن القدس عربية بكل ما فيها من إنسان بناها و أراض وأثار ومعالم عمرانية وتراب وشجر وحجر . والقدس كما يعرف العالم ، محتلة من إسرائيل منذ السادس من يونيو 1967 ، عندما احتلت عسكريا ، وأصبحت شأنها شأن الاراضي العربية الاخرى التي احتلتها في ذلك العام ، اراض من المفروض أن تمارس إسرائيل صلاحيتها عليها كسلطة احتلال . هذه الحقيقة موثقة في القرار الصادر عن الأمم المتحدة والتي اكدتها المجموعة الدولية في القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي . فالوصف إذن بالنسبة للقدس واراضيها ووضعها تنطبق عليها اتفاقيات جنيف عام 1949 أي على الدولة المحتلة وعلى المناطق المحتلة على حد سواء. الأ أن هذا ما تتجاهله إسرائيل التي اقيمت 1948 على أرض هي وطن الفلسطينيين وتقوم بتحويل ما تحلم به بأن تصبح القدس عاصمتها الابدية .
في خبر يزيدنا اكتئابا ، يقول : “تهويد جبل الزيتون على سلم أولويات نتنياهو “ ، ومن يكتب أو يعرف المكان يصاب بمزيد من الألم والاحباط لأسباب لها جذور مثل جذور شجر الزيتون الثابتة في الاراضي الفلسطينية . فشجرة الزيتون مقدسة عند الفلسطينيين ، يشعرون بالامان العاطفي والمعيشي في ظلها ، أحبوا هذه الشجرة المذكورة في القرآن الكريم، فأكلوا من ثمرها وزيتها ومسحوا بها أجساد أطفالهم تبركا بها ، لتقوي عظمهم وتشفي جلدهم وهم يرددون : “ زرعوا فأكلنا ، ونزرع فيأكلون “ . ولشجر الزيتون قصص ومحل في قلوب وذاكرة الانسان الفلسطيني المخلص لأرضه وزرع الاجداد . فقد عرف أهل القدس اشجرة الزيتون الأعرق والاكبر سنا في- جبل الزيتون او جبل الطور – المزروعة في أرض كنيسة القيامة ، ويبلغ عمرها الفي سنة ويقصون لأولادهم قصتها التي تقول وكما ذكرت في كتابي، “ القدس والبنت الشلبية “( ص 84) : “ كان المسيح يأوي إليها مع تلامذته للراحة والنوم ، وقضى آخر أيامه متعبدا ، في ظلها . “ظلت هذه الشجرة العتيفة شاهدا على اهمية شجر الزيتون في التراث الديني والاجتماعي . كان وما يزال شجر الزيتون له خصوصية اجتماعية وله مواسم خير وبركة وفرح . كان الفلا حون الفلسطينيون يسعدون في موسم جداد الزيتون “ بالمشاركة والعمل الجماعي “ عونة “ لقطف الزيتون مرفوع الراس عاليا .
إسرائيل تعرف تجذر الفلسطيني في ارض الرباط – القدس –وتعرف أن هناك موقعا للوقف الاسلامي على جبل الطور. نتنياهو وبدعم ماديّ ومعنوي من اللجنة العالمية لحماية جبل الزيتون اليهودية ، في نيويورك ، يضع مشروعا قذرا لقبر موقع الوقف الاسلامي الموجود على جبل الطور وتحويله الى مقبرة يهودية مترامية الاطراف قبالة المسجد الاقصى . ستقوم إسرائيل بتهويد جبل الزيتون وما عليه من شجر ومعالم طبيعية مثل مغارة الكتان ، المميزة بعمقها تحت سطح الارض ، وقد عرفت قي العهود الكنعانية العربية ، واقتلعت الحجارة الضخمة من محجر فيها لبناء العمران العربي والاسلامي ، كما بناء سور القدس العظيم في عهد الدولة العثمانية .
نتنياهو ، اليوم يضع جبل الطور على سلم أولوياته لقبر جبل الزيتون الذي يتنفس التراث العربي الاسلامي ، في مقبرة يهودية يتم اقامتها عام 1020 ، وليرقصوا حول 20 الف قبر وهمي يهودي ، ويحيوا الحفلات الموسيقية الليلية الاسرائيلية . إنهم مستمرون في تهويد القدس وذاكرة شجر الزيتون الشاهد على وحشية الاستيطان الاسرائيلي. فما نحن فاعلون ؟