بينما أمريكا اليوم تلعب دور» الوصي على العالم « مع شريكتها إسرائيل، نجد أن صورة أمريكا عند» العرب» ليست واحدة، بل متعددة ملتبسة الملامح غامضة تتحرك بحيث لا يمكن الوثوق بها ؛ منها الصورة القبيحة التي تتكشف وهي تتلاعب بمفاهيم الحرية وحقوق الانسان وهي تناقض نفسها.


 قبل سنوات ليست قليلة كنا نحن العرب، نكتب ونبحث ونتساءل عن» صورة العربي في مخيلة الأمريكي « وقد تبين من الدراسات والأبحاث الكثيرة خلال العقود السابقة، أنها صورة فيها الكثير من التشويه وصناعة القبح وإبراز العربي كجاهل متخلف بالاضافة «تميزه بالكراهية للغير». تكونت هذه الصورة نتيجة عوامل عدة، أهمها وسائل الاعلام والصحافة والادبيات والسينما التي تهيمن عليها قوى صهيونية وقوى الضغط اليهودي في المجتمعات الأمريكية.


ما عزز الصورة القبيحة والسلبية عن العرب والمسلمين هي المشاكل والأزمات في الشرق الأوسط، وعندما أعترفت أمريكا باسرائيل الدولة المارقة بعد 12 دقيقة من إعلانها. ومنذ ذلك الزمن حاولت تشويه نضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الصهيوني القبيح بكل ممارسا ته القديمة والجديدة والمستمرة لليوم علّ فلسطين تصبح الدولة اليهودية المخطط لها. خلقت أمريكا وإسرائيل صورة للعرب والمسلمين « غير حضارية متخلفة « لكي تبرر الاستعمار الجديد التي تقوم إسرائيل به نيابة عن الشريك الاستراتيجي، الولايات المتحدة الامريكية لخدمة المصالح  الاستعمارية الجديدة.


بالمقابل،كان للأمريكي صورتان في العقل العربي إحداها ( الكاو بوي )،بالإضافة لأسلوب الحياة الذي عرفت به ملتزمة بثقافة أصبحت عالمية في الحياة الاجتماعية والثقافية والاجتماعية والسياسية. أثرت هذه الثقافة المنفتحة على العالم وإن كان بعضها غريباً عن ثقافاتهم،فيها كثير من الخيال والتأثير على الحواس، والخداع، وحب السلطة السياسية. هذه الصورة نقلتها المؤسسات الثقافية من وسائل الاعلام وماكيناتها لتزداد اليوم نوعاً وكماً بما فيها من ايجابيات وسلبيات.


أما الصورة الثانية في العقل العربي عن أمريكا، فكانت صورة تعتبر ايجابية حتى الخمسينيات. كان هناك صورة جميلة للطلاب العرب والمثقفين الذين تلقوا العلم في جامعاتها وتعرفوا على الناس العاديين الطيبيين الذين رحبوا بهم . بالإضافة لصورة جميلة أخرى عندما هاجر الكثيرون من العرب اليها ، لأنها كما اعتقدوا كانت أرض الفرص للمهاجرين، ومن يطأ أرضها سينعم بالمال الوفير وحياة رغد في نظام يقوم على الحرية وضمان حق الفرد في المواطنة الحرة التي يفتقدها الكثيرون في بلدانهم . وكانت الأحلام والآمال للشعوب المغلوبة على أمرها في منطقة الشرق الأوسط أن تتحرر وتصبح» مثل أمريكا « . إلا أن التجارب أثبتت مع الزمن أن الصورة الإيجابية كانت وهماً، أخذ بالزوال بعد انكشاف السياسة الأنانية المادية وإستغلال خيرات الشعوب وتطويعها لخدمة مصالحها.ولعل ما يجري اليوم في زمن الرئيس ترمب الذي يحب المال ويكره هجرة العرب وغير العرب الى أمريكا ويتدخل بشؤونها بواسطة سطوة المال والسلاح ما يشير الى أنها تناقض نفسها في سياسة غير متوازنة دون اعتبارات لحقوق الانسان.


 صورة أمريكا مع الاسف تزداد اليوم قتامة عند العرب وغير العرب ، و ترمب ماض في لعبته، غير المتوازنة، يتلاعب بمصير الشعوب وبخاصة الاذعان الصريح للنفوذ الاسرائيلي لإرضائها، محاولاً أن يجعلها مقبولة عالميّاً غم وحشيتها التي تمارسها على الفلسطينيين العزل ونحن نرى اعتداءاتها المتكررة على قطاع غزة.


هذه الصور التي تشكلت لأمريكا في العقل العربي لم تأت فجأة، بل تكونت على امتداد نصف القرن الأخير من القرن العشرين. لم تعد صورة أمريكا اليوم عند الكثيرين « بلد الفرص والحياة الكريمة، كما لم تعد إسرائيل ليهود العالم بلد « الحليب والعسل « فالصور الخادعة في النهاية، تظهر القبح إذا لم تكن الابتسامة حقيقية وليس تمثيلاً عندما نقول» تشيييز»، أمام الكاميرا….!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment