في لُجة الحملات المسعورة المكثفة التي قامت بها إسرائيل هذه الأيام في جميع أنحاء الضفة الغربية، ومنذ الاشهر القليلة الماضية، فقد تمكنت من اعتقال الأطفال والأسرى المحررين وأسر الشباب وقتل الذين يتحدون قطعان المستوطنين بالإضافة لهدم البيوت وترحيل الأهالي، وخلق الآلام النفسية للكبير والصغير، صور حقيقية نراها كل يوم . الاحداث والممارسات التي تقوم بها ضد الفلسطينيين هي قصص كراهية المحتل لأصاحب الارض الاصليين من جيل الشباب الذي لا ينسى كما توقعت الصهيونية وهي تحتل فلسطين..


 لم أتمالك نفسي من البكاء، وأنا أشاهد اليوم على التلفاز، شجاعة الأسير المحرر جلال شراونة من دير سامد قضاء الخليل، يخرج من الأسر بعد أكثر من ثلاث سنوات وكان في السادسة عشر من عمره عندما اعتقل . تبدأ الرواية الانسانية العميقة ببطلها الشاب الجميل الذي كان يرشق العدو بالغضب، محاولا إبعاد المستوطنين عن قريته وأرضه. لم يتمكن العدو من قتله وكثف العيارات النارية على قدميه علّهم يقعدوه أو يقتلوه، ولكنه عاش في السجن ودمه ينزف وحالة الساق تسوء لعد م تتلقي العلاج في الوقت المناسب لإخراج تلك الرصاصات التي قتلت رجله مما اضطرهم لقطعها من عند الركبة بعد فوات الأوان. خرج جلال برجل واحدة وبعض من الأخرى وكان بالإمكان إنقاذها لوكان عندهم أنسانية. ما زاد الصورة المؤلمة لهذا الشاب الذي يتحلى بالوسامة والشجاعة، هو رباطة جأشه وأهل القرية يحملونه، وهو يصف معاناته أثناء الأسر. كان أول ما طلبه هو زيارة مقبرة البلدة ليزور جزءاً من جسمه، زار رجله المقطوعة التي دفنت في المقبرة التي تضم أهل القرية الشجعان ، بالاضافة لا يمكن أن يكون هناك قصص وروايات أكثر إنسانية من هذه الرواية الواقعية العالمية وأحد المحتفين يقيّل ما تبقى من الساق والبعض يمسح دموع الألم والفرح في نفس اللحظة لتكمل الصورة النضالية والدته الجميلة وهي تسير في القرية تحمل الحلوى توزعها حلوان خروجه،وزغاريد النساء تتعانق تعبيراً عن فخر القرية بالابن البار.


 الفلسطينيون، ما زالوا يكتبون رواياتهم الواقعية، يضيفون لأدب المقاومة مادة ثرية تفوق كل وصف، ولعل كل أسير أو كل بيت لأهل اسير أو شهيد أو موقف أم واخت وبطلة تقاوم العدو ليست فقط جزءاً من النضال اليومي، بل صور تسجل وتوثق التحديات لمواجهة الاحتلال وجانب من المعاناة الانسانية التي جاءت في أدبيات الرواية الفلسطينية التي كتبوها من الواقع والخيال عن النضال الفلسطيني، واتذكر ما قرأت بعضها بلهفة وفيها المشاعر الانسانية والحنين والامل والالم. تطورت المراحل التي أثرت على تطور الشخصية الفلسطينية التي قرأناها في كتب غسان كنفاني، وجبرا خليل جبرا، وإميل حبيبي، وغيرهم. فأدب المقاومة الفلسطينية، متجدد لأن أبطال الروايات والقصص، يتجددون وهي تصلح للابداع الفلسطيني اليوم وفي الغد لأن الشروط الموضوعية التي يعيشها ابطالها متوفرة، ولعل قصة هذا البطل إحداها التي لا بد أن تكتب لتظل مادة تسجل تاريخ يكتب اليوم ولعلي بمقالتي هذه أيضاً اكتب هذه القصة…!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment