مضت سنين كثيرة والعرب وكثير من دول العالم يعتبرون إسرائيل الدولة التي صنعتها بريطانيا وأحيتها أمريكا بحرصها الدائم بمدها بالسلاح والمال والدعم لكي تبقيها حيّة  ولتصبح كأنها إحدى الولايات الامريكية. حصل هذا الدعم قبل وبعد تمكن الحركة الصهيونية والنشاط اليهودي في أمريكا، من إنشاء المؤسسات والصناديق الداعمة لإسرائيل وحتى اليوم.إحدى المؤسسات اليهودية التي تلعب دورًا فعّالاً هي (إيباك) المؤسسة التي تضم يهود أمريكا وتحرك السياسة الأمريكية بما يتعلق بإسرائيل والعرب، لا بل مصالح إسرائيل والعالم وبخاصة دول الجوار من أجل « ضمان أمن إسرائيل « كما يدعي ترمب.


بالامس تسمرت أمام التلفزيون لأستمع لـ ( إعلان ترمب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة ). قبل الاعلان تكلم نائبه مايك بنس أمام إيباك الذي وصفه بأنه « أعظم صديق لإسرائيل يجلس في المكتب البيضاوي «. ولعل ما جاء في خطاب الاخير ما زاد غرور وغطرسة ترمب صاحب الوعد الجديد الذي لا يقل خطورة عن وعد بلفور إياه الذي صكته بريطانيا 1917. وللتأكيد على دور ترمب إخلاصه ومحبته المتفانية لإسرائيل، فقد أخذ يسرد عدة مواقف وخطوات تعزز الاحتلال الاسرائيلي، هذه النشاطات التي قام بها ترمب هي جزء قليل من الدعم المخفي والظاهر للآن لإرضاء نتنياهو « صديقه العزيز» كما يصفه، من بينها ؛ الانسحاب من منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وتخفيض تمويل الأنروا المعنية بشؤون تعليم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان الدولي. ولعل هذه الخطوات التي ذكرها بنس نيابة عن ترمب ما يشير الى مدى الانحياز الواضح خوفاً من إنكشاف المزيد من الممارسات غير الانسانية وغير الشرعية التي اقدم عليها ترمب وما يزال لهذه اللحظة.


لعل التحليلات والكتابات التي تملأ الصحافة العالمية ما يكفي لأن يتساءل المرء عن هذا الحب الكبير لنتنياهو المتطرف اليميني الذي يمارس الاستعمار في أعلا مراحله. ترمب المغرور الذي يبحث عمن يحبه كنتنياهو الخائف على زعامته وفشله في الانتخابات القادمة في نيسان القادم،أحد أهم الاسباب. إلا أن الحقيقة تبقى أن هناك الكثيرين من اليهود اعضاء إيباك متنفذون في المجالات الاقتصادية والسياسية، التي يحميها ترمب بسياسته المتحيّزة لمصالحه الشخصية كما تحيزه لإسرائيل، رغم بطشها بالفلسطينيين ومخالفة كل القوانين الدولية.


نتنياهو في الاجتماع التاريخي الهدّام في واشنطن وقف مزهواً يدغدغ غروره وهو يقول»لقد وعدت فوفيت» مرة عندما أعلنت القدس عاصمة أبدية لإسرائيل والثانية وانت تعلن ضم الجولان لإسرائيل. كان نتنياهو مزهواً وهو يحمل بين يديه القلم الذي أهداه إليه ترمب بعد توقيعه الاعلان الاستعماري الشنيع. لقد وصلت وقاحة ترمب، أنه كشف عن نواياه وخططه التي تهدد المنطقة بكاملها وليس فقط الأراضي الفلسطينية وهي تبني المستوطنات وتنكل بالفلسطينيين، وتحاصر غزة الصامدة، بل كشف ترمب عن سياسة» ترمبية «، صفقة القرن يدعي فيها حرصه على حماية إسرائيل من إيران وأسلحتها النووية. ترمب التاجر الغني بالأموال وقلة الحكمة وسوء الادارة، يتبرع بالقدس وفلسطين والجولان لنتنياهو، وهو يقول له يبحث عن الكلمات التي يمكن أن يعبر بها عن الامتنان لتقديم وعد جديد فاق عبثًا بفلسطين وأهلها عن وعد بلفور، وهو يقول لترمب : « سيدي الرئيس، صديقي العزيز قدمت مثلاً مذهلاً.. «


 نعم إنها هدية ثمينة ليس مثلها هدية وكرم فاق الكرم الأصيل. لقد تغيرت النطريات السياسية والقيم والمواثيق الدولية، فهل يعقل ذلك والعالم مبهور بما يجري ؟ الزعيمان اللصان يقولان لنا وللعالم « أرض إسرائيل ستظل دائماً في أيدي قوات الدفاع الاسرائيلية وحدها..» وسؤالي أيها العرب : ماذا أنتم فاعلون؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment