إسرائيل مستمرة في سياستها العنصرية الاستعمارية، غير مهتمة بالمحاولات الفلسطينية والدولية لإيقافها عند حدها، فهي مستمرة في تهويد كل فلسطين وليس جزءاً منها، وتهويد القدس بشكل خاص، لخلق قدسها المشوهة والمزورة. آخر المشاريع الاستعمارية تسيير قطار هوائي معلق في سماء المقدس العتيقة لربط القدس الشرقية بالقدس الغربية، وهو مخطط للاستيلاء على القدس بكاملها وتسهيل وصول اليهود اليها من جميع الجهات من فلسطين المحتلة. مشروع وقح وبشع، اذ سيغير المعمار ويطمس الاماكن الدينية الاسلامية والمسيحية، وبخاصة وهو يركز على توسيع باحة البراق، من أجل تواجد أوسع لليهود المنتظرين لهدم الحرم الشريف واقامة الهيكل مكانه.
بالإضافة يأتي الخبر عن مشروع القطار الهوائي في سماء القدس متزامناً مع انهماك إسرائيل في بناء المزيد من الجدران حول غزة لتضيف الجديد لتلك الجدران الموزعة على انحاء فلسطين. سياسة بناء الجدران هي استراتيجية مرسومة،علّها تبدد خوف الاسرائيليين من المقاتلين الفلسطينيين العنيدين وتدخل الطمأنينة لليهود أن يناموا بأمان. ثلاثة جدران جديدة سيبنونها على حدود غزة، واحد فوق الأرض ارتفاعه ستة أمتار، والثاني تحت الأرض مواز له بطول 65 كلم وهذا سينضم لجدار ثالث بحري مقوى، سيبنى في مياه البحر اللمتوسط… هذه الجدران العالية والعميقة والناشفة والمبلولة هي جزء من الجدران المحيطة بغزة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم..
الجدران الاسمنتية القبيحة التي تبنيها إسرائيل كعوازل مادية صلبة لمنع الفلسطينيين من التسلل لإسرائيل والوصول للمستوطنات التي تأوي سارق الارض الفلسطينية التي طُرد أهلها العرب منها هي لخلق حالات نفسية للمستوطنين أنهم بأمان بعيدين عن الخطر والموت الذي يسببه الفلسطينيون. وليبعد شبح المقاوم وصواريخ الغزيين خلف الجدار لتصل بعضها تل أبيب ولتضعف وظيفة الجدارن وهدفها.
أما بالنسبة للفلسطيني فالجدار يعمل كرمز محفز للتحدي للوصول لإسرائيل من أجل التضييق على روحه وحريته المعرضة بشكل دائم للخطر.. بالاضافة لكونه اصبح مؤشراً للفلسطينيين ورسائلها الواضحة أنهم لا يخافون إسرائيل وسيظل الجدار أضعف من العزيمة للنضال والتحدي لإبقاء الخوف مسكونا في نفوس الاسرائيليين.
إسرائيل ببنائها الجدران الجديدة إضافة للقديمة تحاول بناء سجن أوسع في غزة السجينة بكلها والمحاصرة براً وجو لتحقيق هدفها العنصري الفاشل وهو قتل الروح المناضلة في عمليات نفسية لم تفقد اهل غزة الصبر والعمل بشكل عنيد ومتجدد. ولعل تجمعاتهم الأسبوعية و نضالهم المتنوع في التعبير عن الغضب المستمر على الحصار وتقديم المزيد من الشهداء هو تعبير عن بسالة الشباب وتصميمهم على تحرير فلسطين.
إسرائيل مستعجلة في اتمام أو بدء مشاريعها الجدارية الاستعمارية، قبل إبريل القادم، الذي سيعلن ترمب فيه خطة صفقة القرن التي يجد فيها الحل على طريقته للقضية الفلسطينية التي لن يقبلها الفلسطينيون، لما فيها من تحيّز وعنصرية واستعمار جديد وشامل لتغيير الجغرافيا والتاريخ. وستظل إسرائيل تبني الجدران وتنكل بأصحاب الأرض الى أن ينقلع الاحتلال وتهدم جدرانه….!