نكبة الشعب الفلسطيني قصيرة جداً رغم بلوغها حوالي السبعين من عمرها. قصة مخزية للعالم المتحضر الذي سمح للاستعمار بسرقة وطن كامل ونهبه ومحاولة تفريغه بشكل عنصري من أصحاب الأرض الأصليين الفلسطينيين العرب. بدأت النكبة في منتصف الليل 14-15 في شهر أيار من عام 1948 عندما أنهت الحكومة البريطانية احتلالها لفلسطين. رحلت بعدما ساهمت في تحقيق حلم الصهيونية غير المشروع ولا الأخلاقي منذ أن صكت بريطانيا( وعد بلفور) 1917 لإقامة الدولة الاستعمارية على حساب أصحاب الأرض العرب الأصليين. كان انسحابها بعد أن اطمأنت أن عصابات الهاجانا الارهابية بدعم من الحركة الصهيونية يمكنها إكمال المهمة لاقامة “ وطن قومي “. ومنذ البداية كانت خطة الصهيونية تهدف لاقامة الدولة اليهودية العنصرية التي تسمى إسرائيل.

  لم تحدث النكبة صدفة، فقد كان هناك خطة مرسومة لسرقة فلسطين كما قال أحدهم :” لا دولة يهودية بدون إخلاء العرب من فلسطين ومصادرة أراضيهم وتسييجها “. يعزز هذا الكلام ما يوضحه المؤرخ اليهودي الشجاع ( إيلان بابيه ) بأن أهداف الخطة كانت عنصرية تهدف الى التطهير العرقي بتفريغ فلسطين من العرب وتهويد الأرض.

 القصة الحقيقية للنكبة الفلسطينية بدأت بسرقة الأرض وإقامة المستوطنات ونهب الممتلكات وطرد السكان العرب وجلب يهود العالم ليسكنوا في دور الفلسطينيين الراقية الجميلة التي حاولت اسرائيل تصوير العرب أنهم كانوا غير حضاريين يسكنون المستنقعات، وجاءوا هم لإعمارها. ولعل بعض الامثلة عن السرقات والنهب غير الحضاري والإنساني تشير الى وحشية ودونية دولة الاحتلال التي تنكل بالفلسطينيين. ففي حرب 1948 القذرة، جرت أعمال نهب جماعية في مئات من القرى والمدن الفلسطينية التي أخليت من سكانها في اعقاب الهجمات العسكرية، مباشرة. فقد تسابق الأفراد والهيئات الرسمية والجيش للاستيلاء على الغنائم بشكل مخزي كما وصفه المؤرخون أو الذين شهدوا على الأفعال الهمجية.

 لم تكن الجريمة بسيطة، فقد بلغ عدد المنازل العربية التي نهبت 50 الف منزل على الأقل عشية النكبة، حيث وصفت هذه الاعمال بأن اليهود أصيبوا بسعار النهب كما حصل في وادي النسناس في حيفا بكامله. قام الجنود بسرقة المال والمجوهرات من البيوت التي يتركها أهلها وتكرر هذا في مدن وقرى أخرى.

 العرب في الساحل الغربي، اذ فكوا مضخات الماء والأنابيب ليسببوا جفاف بيارات برتقال يافا التي كانت تصدر للخارج. وأضرموا الحرائق في المحاصيل في موسم الحصاد في القرى. كما حمل جيش الدفاع الاسرائيلي آلاف الشاحنات والمعدات الثقيلة والزراعية. وسممت الآبار او ردمت لمنع أصحاب البيوت من العودة إليها أو قعرت سقوفها – وكما رأيت بعيني – في قرية لفتا قضاء القدس في زيارة للقرية المهجرة في الشهر الماضي، لتصبح البيوت الجميلة خرباً أو أثرا بعد عين. فقد هدف المحتل إزالة المعالم الاثرية والتراثية التاريخية العربية من أجل تزوير التاريخ واختراع تاريخ اسرائيلي مزيّف. ولعل طمس أسماء المدن والقرى وتغييرها لأسماء عبرية يؤكد ذلك..

  لم تسلم مدينة أو بيت من السرقة والنهب، فقد ذاقت القدس وبيوتها الراقية النهب، والسلب كما أحياء القطمون والبقعة وغيرها التي ظلت صور النهب في أذهان الذين شاهدوها بحسرة : “عربات وشاحنات محملة بالبيانوهات والثلاجات والراديوهات واللوحات والتحف والكتب والاثاث وبعضها ملفوف بسجاد ثمين..”

  كان من بين الحرامية منذ النكبة شخصيات سياسية من كبار حزب الما باي وكبار الضباط الذين سارعوا للتنافس للسكنى في المنازل العربية الجميلة في القدس، وما يزال الكثيرون منهم يقيمون فيها، وبعضهم باعها بأسعار مرتفعة. ولعل أكبر سارق كان الصندوق القومي اليهودي الذي استولى على بيوت الفلسطينيين وأسكن فيها على عجل اليهود الشرقيين ليمنعوا العرب من الرجوع اليها. هذه بعض من قصص النكبة التي سجلها التاريخ في العصر الحديث.

 قصص النكبة والوحشية والدمار والتهجير وتسوية القرى بالارض، والمعاملات الوحشية والسجن ومواصلة سرقة الارض يرفضها الاسرى الفلسطينيون اليوم في سجون الاحتلال. يتزامن تاريخ النكبة الاسود هذه الأيام وهم مضربون عن الطعام ما يزيد على الثلاثة أسابيع. ولعل القول الفلسطيني الشعبي: “ لا يضيع حق ووراءه مطالب “ صحيحا ً.! وبخاصة أن العالم اصبح يعرف قصة العسكر والحرامية ويرفضها في هذا التاريخ القبيح الذي ما يزال يسرق ويسلب الاحرار من حريتهم. فتحية بهذه المناسبة للأسرى في سجون الجلاد. !

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment