ثلاثة جنود امريكان… يحملون السلاح ويدهم على الزناد.. هي الصورة التي اختيرت لتنوب عن مئات الآلاف من الجنود الذين يحاربون على ارض المعارك، بأمر من الرئيس بوش اقوى رجل في العالم.. مع وزير دفاعه رامسفيلد!
هذه اللقطة المختارة وضعت على غلاف مجلة »تايم« الامريكية، لان » الجنود« نالوا هذا العام الشعب »شخصية العام«. وهو تقليد دأبت عليه المجلة منذ اكثر نصف قرن!
الجديد هذا العام، بل اللافت ان من اقترح ذلك هو رامسفيلد، الذي كان هو نفسه مرشحا للقب مع بوش. وجاء اقتراحه لمدير تحرير المجلة »كيلي« الذي علّق بقوله، هذه المرة الاولى التي استضيف فيها مرشحا لنيل لقب شخصية العام ويقترح شخصا آخر بدلا منه!
من الواضح ان وزير دفاع بوش استشاره، وقررا معا ليكون الجندي الامريكي بدلهما ولا شك ان ذلك لم يأت كون الرجلين متواضعين.. بل هناك دلالات اعمق، خاصة وان الجندي الامريكي كما الادارة لم ينهيا العمل على ارض الواقع، رغم احتلال افغانستان، ورغم احتلال العراق، ومطاردة الرئيس صدام »وجلبه« ليكون اسير الرئيس بوش! ومع ذلك لا زالت المقاومة العراقية متواصلة.
الرجلان بوش ورامسفيلد.. يطمحان للقب بعد ان يحققا احلامهما، وطموحات بوش في اقامة »الامبراطورية الامريكية«، هدفه الكبير… هذا بالرغم من عدم الاعتراف بذلك لا للجنود ولا للشعب الامريكي.. او للعالم اجمع!
صورة امريكا.. الممثلة ببوش اصبحت قبيحة، وهو لا يزال يسأل لماذا يكرهوننا؟!!.. ولذلك فوضع صورة الجندي، »كما يبدو« لتخفيف تسليط الاضواء عليه.. لعل الناس تتعاطف مع هذه الحرب التي اقامها ولم يقعدها.. خاصة والجندي الامريكي مأمور، زج به في هذه الحرب وحروب يبحثون عنها.. ودون معرفة هدف واضح..
قد يتبادر لذهن رامسفيلد الذي اقترح وضع صورة »الجندي الامريكي« ان بوش ربما يكسب الرأي العام الامريكي، الذي يتأرجح بين الرضى والغضب عليه، فالجندي هو ابن الناس الفقراء، وهو ابن الام والاب والجميع الذين يبحث عنهم بوش، والذين بالطبع يتعاطفون مع ابنهم.
ان وضع صورة الجندي، واصبعه على الزناد، لن تخفف كره الناس للحرب، وستجعل الناس يتساءلون.. بل يرون هؤلاء الرجال، كالصيادين الهواة.. يبحثون عن الفريسة، ويطاردون الناس في بيوتهم واوطانهم، بل يعتدون على تراثهم وتاريخهم وكما رأى العالم بأم عينه ما حصل لمناطق العراق بعد الاحتلال الامريكي.
لا اظن ان »شخصية العام« لمجلة تايم مقنعة، خاصة وان من يثير الجدل »سلبا وايجابا« هو بوش، اذ دأبت المجلة في السابق على اختيار صاحب اللقب ايا كان.. اذا ما آثار جدلا واسعا.. وكان بن لادن عام »2001« المرشح لذلك، لولا سياسة المجلة التي خافت ان تساهم في نشر صورة بشكل اوسع مما كان عليه، ولذلك اختارت رئيس بلدية نيويورك لدورة بعد 11/9…
شخصية العام يجب ان تكون لبوش! الذي له طموحات غير مشروعة.. وهي طموحات لا تتلاءم مع الوقت الذي تدعو فيه الشعوب للعدل وحقوق الانسان والسلام.. وبوضع صورته على غلاف التايم.. مع رامسفيلد..لا يستطيع ان يختبئ وراء الجندي الامريكي صاحب اللقب.. وبوضع الصورة.. ستعزز صورة غير جميلة.. وصورة لانسان يطمح لبناء »امبراطورية«، وليس لنشر السلم والامن في العالم كما يدعي!