تتساوى امريكا واسرائيل هذه الايام كونهما دولتين محتلتين، اسرائيل، تحتل فلسطين منذ اكثر من خمسين عاما، وتستمر في محاولة تهويد ما تبقى من الاراضي الفلسطينية، وامريكا تحتل العراق منذ ان اطاحت بنظامه، وعاثت في ارضه فسادا، من قتل وتشريد، ثم هدم ودفن لتراثه وتاريخه ومواصلة سفك الدماء في الفلوجة وبقية المدن!
صور بشعة متشابهة تلازم اسرائيل وامريكا، بالاضافة لعدم المصداقية والكره الذي خلقاه بسبب ادعاءات كاذبة. فاسرائيل التي تسلطت على الشعب الفلسطيني لتقلعه من جذوره، تحاول ان توهم العالم بأنها تريد »السلام«، وبالطبع اصبح واضحا انهم يكذبون! وتظل الصورة قبيحة!
اما استعمار امريكا الجديد والمباشر، من اجل البترول، والاسواق، ومن باب تنفذ منه لاقامة الامبراطورية الامريكية، باسم »الديمقراطية« التي تتباكى عليها ساعة وباسم »الارهاب« والبحث عنه ساعة أخرى، ايضاً خلقت صورة قبيحة مثل صور احتلال اسرائيل، وهي غير انسانية، تزداد قبحاً كل يوم ولا يصدقها أحد وهم يكذبون أيضاً، وتظل الصورة قبيحة!
هذه الصور القبيحة والمرفوضة للاستعمار المتكامل في فلسطين والعراق، اصبح يزعج امريكا بمقدار ما يزعج اسرائيل، خاصة وان للرأي العام قولاً في الشارع الذي تحتاج اليه الولايات المتحدة في هذه الايام التي يقف فيها رئيسها بوش على عتبة الانتخابات الرئاسية. وكما تحرص عليه اسرائيل في حرب احزابها مع بعض على الرئاسة، وعلى امكانية التخلص من شارون مهندس الرعب!
واصبح هاجس تجميل الصورة القبيحة، احد المحاور الملازمة للاستراتيجيات السياسيةسواء أكانت في امريكا او اسرائيل. وقد دأبت اسرائيل منذ سنين على محاولة خداع الرأي العام العالمي في القارات الخمس محاولة كسبه من اجل مواصلة احتلالها على حساب الشعب الفلسطيني. وقد استعانت بشركات الاعلام والاعلان والدعاية، من اجل ذلك. وفي عام (2001 – 2003) استعمل خبراؤها عبارات »السلام« و»الحرية« و»الديمقراطية«، وحاولوا تسويق الصورة هذه في الولايات المتحدة، كما يقومون اليوم من اجل تغيير الحقائق بعد اقامة الجدار العنصري الذي يزيد من عذاب الفلسطينيين وافقار فلاحييهم الذي يعتاشون على شجر الزيتون المذبوح! وحتى ان اسرائيل تحاول هذه الايام وفي موقفها المؤازر لاحتلال امريكا للعراق، ان تظهر صورتها كشريك لامريكا في حربها ضد الارهاب وانها مع »الديمقراطية الامريكية«.
اما امريكا فهي تقوم اليوم مثل اسرائيل بالاستعانة بوكالات العلاقات العامة والدعاية من اجل اقامة حملات تجميل لصورتها في امريكا والعالم ومؤخرا تعاقدت مع شركة (بيل بوتنغر) للعلاقات العامة لتعزيز صورة امريكا الداعية »للديمقراطية« ولتوجيه صورتها للمواطن العراقي، وهذه الشركة ستتعاون مع شركتين امريكيتين للخدمات في العراق هما (بتيس بان غولف) و(بالوش رو) وستنفق 6 ملايين دولار من اجل خلق صورة جميلة وقلب ما تقوم به من جرائم.. لسمن وعسل!
لم تنجح محاولات اسرائيل في السابق في تحريف الحقائق وتغطية الجرائم، خاصة وقد اصبحت هذه الصورة القبيحة لاسرائيل تصل الرأي العام عن طريق الفضائيات.. فالحقيقة مرة وهي ان اسرائيل مستعمرة.. وكاذبة ولا تريد السلام! ولذلك لن تنجح شراكتها مع امريكا في هذه الحملة الجديدة التي يرفضها الشباب في العالم الذي يتظاهر من اجل السلام الحقيقي والمستقبل!
لانجاح الرأي العام – لا بد من توفر عوامل ضرورية: »المصلحة المشتركة« والآمال والتطلعات المشتركة و»المشاعر المشتركة«، وهذه كلها مفقودة بين المستعمر والمستعمر اسرائيل لا تؤمن بالسلام العادل.. وامريكا لا تؤمن ولا تعني الديمقراطية، ولذلك ستظل الصورة قبيحة.
ولم تنجح محاولات امريكا ايضا في السابق، والتي لا زالت تسأل لماذا يكرهوننا؟ وظلت صورتها متحيزة وظلت غير عادلة وظلت مستعمرة، صورة قبيحة كصورة اسرائيل، ولن تنجح الا اذا تخلت عن سياستها الاستعمارية.